نهاية “الإخوان”
بقلم: صالح القلاب
النشرة الدولية –
وحدهم “الإخوان المسلمون” من بين كل الأحزاب العربية الذين لم يدركوا أنَّ القرن الحادي والعشرين يختلف عن القرن الذي سبقه وأنهم عندما رفعوا شعار “الربيع العربي” الذي اعتبروه ربيعهم قد اعتقدوا أنَّ القرن الحادي والعشرين سيكون لهم دون غيرهم وهكذا فإنَّ المفترض أنهم فوجئوا أنَّ عالم الأمس، إنْ عربيَاً وإنْ “كونياً”، ليس عالم اليوم وأن معطيات هذه المرحلة تختلف عن معطيات المرحلة السابقة وإن هموم هذه الأجيال، أي أجيال هذا القرن، غير هموم الأجيال السابقة وهذا هو ما لم يدركه “إخوان” حسن البنا الذين لا زالوا ينفخون في قربة سياسية مثقوبة.
والمعروف، إلاَّ من لا يريد أن يعرف، أنَّ الأحزاب القومية التي كانت قد حكمت في العراق وأيضاً في سوريا وفي اليمن الجنوبي وفي “جماهرية” معمر القذافي جميعها قد “شمعَّتْ الخيط”، كما يقال، فحزب البعث في بلاد الرافدين لم يعد له وجوداً إلاَّ في بعض جلسات ما تبقى من الذين يقولون أن “البعْث” لا يزال موجوداً وأنهم بعثيون وحقيقة وهذا ينطبق على حركة القوميين العرب وتنظيماتها وعلى حزب التحرير الاسلامي.. وأيضاً.. نعم أيضاً على الإخوان المسلمين الذين لا يزال من بقي منهم يسْبح ضد التيار وضد معطيات القرن الحادي والعشرين.
والمشكلة هنا هي أنَّ أحزاب هذه المرحلة والمراحل السابقة قد “فرَّختْ” إنْ في الأردن، المملكة الأردنية الهاشمية، وإن في غيرها حزيبات تقتات على “العطاءات الحكومية” وعلى بعض “منحِ” الذين يسعون إلى مواقع سياسية وحتى وإنْ كانت شكلية والذين يريدون أن يحتلوا مراتب عشائرية ما كان بإمكانهم الوصول إليها لو لم يشكلوا مثل هذه الأحزاب الوهمية.
وهكذا فإنه كان على الإخوان المسلمين الذين قد ضربهم داء الانقسام كما ضرب الأحزاب القومية كلها، أي حزب البعث بكل فروعه وانشقاقاته وحركة القوميين العرب التي كان قد أنشأها عدد من طلاب الجامعة الأميركية في بيروت وفي طليعتهم الدكتور هاني الهندي ووديع حداد والكويتي أحمد الخطيب وكان هؤلاء قد تأثروا بكل من قسطنطين زريق وبالطبع وجورج حبش الذي كان بالفعل قيادياً وطليعياً وكان مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومعه “زميله” الأردني نايف حواتمه الذي ما لبث أنْ إنشق عنه وأسس: “الجبهة الديمقراطية” التي كان ياسر عبد ربه أحد قياداتها قبل أنْ ينشق هو بدوره.. ويكتفي من الغنيمة بالإياب وكان قائد الجناح العسكري فيها ممدوح نوفل بينما كان من أبرز قياداتها تيسير خالد والعراقي قيس عبد الكريم.
وهنا ولدى الحديث عن الجبهة الديمقراطية لا بد من الحديث عن الجبهة الشعبية “الأمْ”، كما يقال، التي كان قد أسسها مبكراً الدكتور جورج حبش الذي كان قد أنشأ وترأس حركة القوميين العرب وكان معه الدكتور وديع حداد وأحمد اليماني.. ونايف حواتمه قبل انشقاقه وأحمد جبريل الذي كان قد إنفصل لاحقاً وأسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. القيادة العامة وحقيقة أن هذه الجبهة كانت تعتبر أحد التنظيمات التابعة للدولة السورية إنْ في عهد صلاح جديد وإنْ بعد ذلك .
وعليه فإن هذه التنظيمات كلها إمَّا إنها قد اختفت نهائياً في فترة كانت مبكرة جداً وإمَّا أنَّ بعضها لم يبقَ منه إلاَّ بعض الأسماء الثانوية وبعض قادتها الذين كان المفترض ان يحيلوا أنفسهم على التقاعد بعد أنْ تجاوزت أعمارهم ما يزيد على عشرات السنين وهكذا فإن ما تبقى من الإخوان المسلمين الذين فوق تمزقهم وانقسامهم قد التحقوا بـ”دائرة” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يتردد في أنْ يتخلَّى عنهم وعن غيرهم عندما باتت تصطك عليه دوائر كثيرة.