سياسيو الأمس خطر اليوم
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تختلف حلول الدول للعديد من القضايا السياسية الداخلية والخارجية، ولكنها تتفق على أسس موحدة لنقل فكرها للمجتمع وحتى للقيادات الخارجية، ويعتبراللجوء للإعلام الحل الأبرز والأهم لاستقطاب السياسيين والرأي العام، بفضل استخدام إعلام مُشاهد لمن تثق بهم الإدارة الحكومية والجماهير والسياسيين، وحتى تنجح هذه الطريقة لابد من تنسيق الإجابات بين المسؤولين في شتى الوزارات ومراكز صناعة القرار لتوحيد الفكر والنهج، إضافة إلى تكامل صورة الضغط على الفئات المُستهدفة من الرسالة التي تريد الحكومة إقناع الجميع بها، ولا ضير لتحقيق هذا الهدف من رفع السرية عن بعض المعلومات التي تنعكس بالفائدة على الموقف الحكومي، مع التشدد بعدم نشر معلومات سرية أو شبه سرية تتسبب في خلق صراعات في المجتمع.
وتجد الحكومات نفسها في مأزق سياسي بسبب ما يتم تناقله في الجلسات المفتوحة في الصالونات السياسية المتابعة جماهيرياً، وفي المذكرات التي يكتبها بعض رجال السياسية في غير توقيتها، ويُعيدون الدولة إلى عين العاصفة لحل قضايا طواها الزمن، وعندها لا تنفع الحلول الترقيعية كون السيف العذل قد سبق، وهو ما يجعل الحكومات الرشيقة والمُثقلة بالهموم تُسارع للبحث عن حلول لإعادة الثقة في آدائها فلا تجدها، إلا بممارسة الضغط على الجهات الأضعف، ليكون رد الفعل عكسي كون الضغط غير المبرر ويطالب المتضريين بالصمت وهو ما يزيد من قوتهم في الشارع، ويتسبب في إضعاف الموقف الحكومي، ويجعلها شبه عارية أمام الشعب، بل قد يصل الأمر إلى تصورها بأنها تعمل ضد الأهداف الحقيقية للدولة الشمولية.
وتعتقد بعض القيادات الحالية أو السابقة في الدول أنها بحديثها وكشف أسرار الدولة، تكون قد وجهت “رمية قوية في عين الهدف” وربما تعتقد أنها وجهت ضربة إستباقية لجهات محددة، لكن أياً كان الفكر لدى هؤلاء، فلا شيء يبرر إشعال الحرب في توقيت غير مناسب يفرض على الحكومة التي تتحمل إرث ما سبقها مواجهات لم يحن موعدها، وربما لا تريد هذه المواجهات كونها غيرت نهجها مع جهات أصبحت بضغط دولي جزء من المنظومة السياسية، ولها ثقلها بل يتم الإعتماد على وجودها في ترويج الصورة النموذجية الخلابة للعالم الخارجي على أنها صاحبة دور هام في السياسة المحلية، وأنها ليست مجرد “بروش” جمالي على صدر الحكومات.
لقد كان على الخارجين من الحكومات والمتواجدين فيها عدم إختلاق الصراعات وتضخيم الأدلة، وصولاً لجعل المتلقي يتقبل رسائلهم ويتعامل مع الحكومات على أنها بريئة وغيرها مذنب، وهذه طريقة يعتبرها المُتلقي نقطة ضعف وقد تسخدم وقت الحاجة ضد الحكومات، لا سيما أن العالم أصبح قرية صغيرة والتحليلات الخارجية تصل بسهولة، وبالتالي أصبح المطبخ السياسي مكشوف للجميع وهو ما يوجب الحذر في التصريحات والمذكرات التي أدخلت الشعوب في جدال متعدد الأطراف، وهنا على الجهات الرسمية والحكومية أن تعمل على زيادة التواصل بين الوزرات وإلغاء النقاط الحرجة التي تؤثر على مصداقية المعلومة إذا أرادت أن تكون أكثر إقناعاً للشعب، عدا ذلك ستتزايد الحالة الضبابية بين الباحثين عن حلم الغد في الحرية والأمس في تقييد الشعوب وتجد الحكومات نفسها حبيسة الفكرين فتبقى مكانها.