بين بيروت المطمورة وبيروت المنهوبة
بقلم: نقولا ابو فيصل
النشرة الدولية –
يعود تاريخ بيروت إلى أكثر من 5000 سنة وتدل أعمال الحفريات الأثرية في وسط المدينة على تنوع الحضارات التي مرت عليها ، فقد عُثر على طبقات متعددة من الآثار الفينيقية والهيلينية والرومانية والعربية والعثمانية القريبة من بعضها ، وتعتبر بيروت من أقدم المدن على البحر المتوسط وكانت مساحتها تضيق وتتسع باختلاف الدول التي مرت عليها، والحقيقة أن الكنعانيين استوطنوا الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ثم تفرقوا مستعمرات على طول الساحل، وصارت كل منها شبه مملكة صغيرة مستقلة بالحكم والتدبير عن سواها. وأشهرها: مملكة أرواد ومملكة جبيل ومملكة بيروت ومملكة صيدون ومملكة صور.
ومن المرجح أن أهل جبيل هم الذين تقدموا إلى الجنوب وبنوا مستعمرة بيروت قبل صيدون، وجعلوها مملكة متاخمة لمملكة جبيل، كان طولها يبلغ من الشمال إلى الجنوب 36 كلم بين نهري الكلب والدامور. أما عرضها فكان لا يتجاوز عشرة كيلومترات من شاطئ البحر إلى سفح الجبل ومع ذلك كانت بيروت ميناءً متواضعاً في تلك الفترة، حيث كانت جبيل هي المدينة الهامة. واعتبر الكنعانيون بيروت مدينة مقدسة ومكرسة لعبادة {بعل بريت}، حيث كان أهل بيروت يدينون بالوثنية ورجعت بعض المصادر ان سور بيروت يعود بناءه إلى عصر الكنعانيين.
وكما بيروت المطمورة تحت الارض منذ آلاف السنين تحوي اثارات هامة وخاصة أول مدرسة حقوق على وجه الأرض ، فإن بيروت المنهوبة فوق الارض تحوي آلاف اللصوص في السياسة والقضاء والامن والدين والتجارة والتعليم والطب وقد لا يزيد عددهم عن العشرة الاف مستعمر لمدينتهم ووطنهم ينهشون عظام الشعب ويسرقون خيرات الوطن ويلعنون حاضر لبنان ويهجرون ابناءه الى بلاد الله الواسعة ، وفي الجهة المقابلة يقبع اربعة ملايين لبناني مقيم في فقر مدقع بإنتظار الفرج الذي اراه قادمًا ولو بعد الالام موجعة.
(الصورة من الاثار المكتشفة في وسط بيروت ساحة رياض الصلح)