مصرف لبنان يفجّر أزمة المحروقات و”المحطّات” لتسعير البنزين بالدولار

النشرة الدولية –

المدن – عزة الحاج حسن

أحدث قرار مصرف لبنان القاضي بالطلب من شركات استيراد النفط تأمين 10 في المئة من المبالغ المتوجب دفعها بالدولار من السوق السوداء، بلبلة في سوق المحروقات. فغالبية الشركات تمنّعت عن تسليم المحروقات للمحطات، في حين تمنعت بعض المحطات عن بيع البنزين للمواطنين. فما هي تداعيات قرار مصرف لبنان على سوق المحروقات وأسعار البنزين والمازوت؟

بدء العد العكسي

دخل مصرف لبنان بقرار فرض تأمين 10 في المئة من ثمن البضائع بالدولار، مرحلة جديدة من رفع الدعم وهي على الأرجح المرحلة الأخيرة. فمصرف لبنان يقوم حتى اللحظة بتأمين الدولارات للشركات المستوردة للمحروقات كاملة عبر منصة صيرفة sayrafa. أما بموجب المرحلة الأخيرة من الدعم، فيتوجب على مصرف لبنان التخلي عن تأمين 10 في المئة من قيمة مستوردات النفط، على أن يتخلى في مرحلة لاحقاً عن نسبة أعلى ربما تكون 20 في المئة أو 40 في المئة. وتدريجياً يستمر تخلي مصرف لبنان، وفق ما يؤكد مصدر متابع للملف في حديث إلى “المدن”، عن تأمينه للدولارات ثمن النفط المستورد، وصولاً إلى التخلي الكلي عن هذه المسؤولية. وحينها، سيتوجب على شركات استيراد المحروقات تأمين ثمن كامل بضاعتهم المستوردة  من السوق السوداء وليس عبر مصرف لبنان.

يستهدف مصرف لبنان من توجهه هذا، التخلي كلياّ عن مسألة دعم المحروقات أو تأمين دولاراته، وقطع آخر روابطه بالقطاع، قد لا يبدو الأمر بالشكل بالغ الخطورة، خصوصاً أن مصرف لبنان يؤمن الدولارات حالياً (90 في المئة منها) عبر منصة صيرفة، التي يتقارب سعر الصرف فيها إلى حد ما مع سعر السوق السوداء. لكن المخاطر الفعلية تبدأ حين يتوقف مصرف لبنان كليا عن تأمين الدولارات للشركات المستوردة للنفط. فحينها سيصبح المستهلك تحت رحمتها من دون أدنى شك.

إن تأمين شركات استيراد النفط الدولارات ثمن البضائع من السوق السوداء، وإن بنسبة 10 في المئة أو أكثر أو كامل قيمة البضائع، فذلك يعني أن الشركات ستسعر المحروقات حسب سعر الدولار الذي اشترته، ما يعني أن الأسعار ستتعدد وستعم الفوضى في السوق، ما يعذّر حينها على وزارة الطاقة تسعير المحروقات بشكل أسبوعي أو دوري.

بين الشركات والمحطات

أما كرد فعل أولي من قبل شركات استيراد المحروقات اليوم على قرار مصرف لبنان، فكان أن تمنّع عدد كبير من الشركات عن تسليم المحروقات للمحطات “إلى حين وضوح الصورة”، حسب تعبير مصدر من أصحاب المحطات. في حين أن عدداً قليلاً من الشركات، ومن بينها كورال وليكويغاز، فقد سلمت المحروقات للمحطات مع الاشتراط عليها بتأمين 10 في المئة من ثمن البضائع بالدولار الأميركي. وهذا أمر يفتح باب المحطات على مطلب سبق لها أن وضعته على طاولة وزارة الطاقة، لكنها لم تجاهر به، ألا وهو تسعير البنزين بالدولار للمستهلك النهائي، وجوبه مطلبها برفض وزارة الطاقة.

وتعتبر نقابة محطات المحروقات أن قرار مصرف لبنان بالفرض على الشركات المستوردة للنفط تأمين 10 في المئة من قيمة البضائع بالدولار، أمر غير مستغرب “باعتبار أن الشركات كانت في وقت سابق تؤمن 15 في المئة من قيمة مستورداتها من السوق السوداء للدولار، والأمر اليوم لن يختلف كثيراً” على ما يقول مصدر من النقابة. في المقابل، يستغل مصدر آخر من النقابة نفسها قرار مصرف لبنان ليُعاد فتح موضوع دولرة تسعير البنزين.

البنزين بالدولار

ووفق معلومات “المدن”، فقد سبق لبعض أصحاب المحطات أن طرحوا على وزارة الطاقة مطلب تسعير البنزين والمازوت للمستهلكين بالدولار. وإذا كانت المحطات اليوم تمتنع عن بيع المازوت بالمفرق لأنه “يلحق الخسائر بها بسبب فارق سعر صرف الدولار المعتمد بالتسعير والسعر الحقيقي للدولار”، فإنها في حال تم تسعير البنزين بالدولار للشركات، فلن تتمكن حينها المحطات من بيعه للمستهلكين إلا بالدولار، وهذا أمر بالغ الخطورة على المستهلك النهائي للمحروقات الذي لن يتمكن من شراء البنزين والمازوت بالدولار.

وإذا ما استثنينا الأثر السلبي الذي قد تتركه مسألة دولرة البنزين والمازوت على السوق السوداء للدولار، والتي من المرجح أن تساهم بارتفاعه، فماذا عن قدرة المواطنين على شراء المحروقات؟ فنسبة المبيع تراجعت في المرحلة الأخيرة بأكثر من 50 في المئة، بمعنى أن أكثر من 50 في المئة من أصحاب السيارات باتوا عاجزين عن شراء البنزين. فما الذي ستُحدثه دولرة المحروقات؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى