مخرجات التعليم العالي «من يجهل التاريخ لا يستطيع بناء المستقبل»
بقلم: د. دانيلا القرعان

النشرة الدولية –

الهدف الأسمى هو النهوض بالتعليم العالي والارتقاء بمخرجاته عبر تشخيص واقع الجامعات والوقوف على مواطن الخلل والعمل على معالجتها وتحسينها، فهذا القطاع شأنه شأن أي قطاع آخر فهو بحاجة إلى مراجعة مستمرة لتطوير أدائه، فرغم التطورات والإنجازات التي شهدها إلا أنه بحاجة إلى إعادة تقييم ومراجعة شاملة ودورية لإزالة العقبات من أمامه وتعظيم الإيجابيات وتفادي السلبيات التي تعيق تقدمه. اعتقد بإن التعليم المدرسي والعالي يدوران في دائرة متكاملة حيث ان مخرجات التعليم المدرسي هي مدخلات التعليم العالي وعلى هذا الأساس يأتي الدور الهام لقطاع التعليم العالي في مسيرة التنمية الأردنية وهذا ما يفسر توجهات واهتمام جلالة الملك بضرورة تطوير استراتيجية للنهوض بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي للسنوات الخمس القادمة، حيث تم تشكيل فريق وطني لوضع استراتيجية لتطوير هذا القطاع. وبالفعل تم الانتهاء من المسودة الختامية لهذه الاستراتيجية وقد رفعت لجلالة الملك حتى يتسنى إشهارها.

إن مخرجات التعليم تعُد من أبرز المسؤوليات وذات الأولوية لدى الجامعات وذلك وفقاً لرؤيتها وخططها الاستراتيجية، لا بل أن مخرجات التعليم هي المقياس الحقيقي للحكم على جودة التعليم وفقاً للمعايير الأكاديمية المحلية والعالمية. ولهذا تسعى الجامعات بكل إمكانياتها حرصاً منها نحو تحقيق أهدافها التعليمية من خلال مخرجاتها التعليمية لضمان بقاءها في مصاف الجامعات ذات السمعة العالية والريادة على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي.

ومن باب الحرص والتشاركية فإن هناك حاجة ماسة ملحة لمراجعة مدخلات التعليم ومخرجاته بشكل مستمر؛ للعمل على تحسينها ومن أجل أن تبقى الجامعات ليس فقط منارة للعلم وإنما شريكاً وطنياً في تحمل المسؤولية كما عهدناها من خلال رفدها للكفاءات والكوادر البشرية المدربة والمؤهلة لتكون طرفاً في تحمل المسؤولية والتي بدورها تقوم على تنمية وتطوير سوق العمل والنهوض بكافة قطاعاته بفاعلية واقتدار ، ولا ننسى المردود المعنوي الذي سيعود ريعه لصالح الجامعات عندما تجد خريجيها تتربع في مواقع وظيفية قيادية محلياً وإقليميا ودولياً. يجب على مجلس التعليم العالي أن يقوم بتوجيه مستمر للجامعات الحكومة والخاصة بضرورة الاهتمام بشكل خاص بمادة الثقافة الوطنية وأن تكون الأهم على الاطلاق وتوازي بالأهمية مواد التخصص في مختلف الأقسام والكليات في جامعاتنا الأردنية؛ وذلك من أجل ان يتخرج الطالب الجامعي وهو على دراية كاملة بثقافة وتاريخ الأردن، « فمن يجهل التاريخ لا يستطيع بناء المستقبل «، وذلك عندما يسأل الاردني سواء كان في موقع وظيفي داخل البلد أو خارجها، أو كان ممن يرشدون العالم لتاريخ الأردن أن يكون على دراية تامة بالمعلومات ولا يعرض نفسه للأحراج والفصل ولا يعرض بلد كاملة قد دخلت بالمئوية الثانية، وما زالت تحتفل بالمئوية الأولى للضرر. وكذلك إجراء مراجعة شاملة للخطط الدراسية لكافة البرامج الاكاديمية في الجامعات مع التركيز على الجانب التطبيقي في كافة المساقات، وبالنسبة للمهارات والكفاءات والتدريب العملي يجب أن يكون جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية لتحسين مخرجات التعليم وقدرتها على مواكبة سوق العمل وطموحاته من خلال تخريج طلبة على قدر من الكفاءة والثقافة العامة والخلفية المرجعية بمواصفات نوعية مميزة.

لكن في نقطة هامة وهي عندما يتخرج الطالب بمعدل متدني في الجامعة لا يعني ذلك أنه غير قادر على الانخراط والتميز في سوق العمل، لعل هنالك أسباب وظروف قاهرة قد آلت به دون تحصيل أكاديمي مرتفع، فهي ليست علاقة طردية كل من يحصل على تحصيل مرتفع سيبدع في سوق العمل، فبعض من يتبوؤون مراكز مهمة الآن قد حصلوا على معدلات متدنية وبذات الوقت تركوا بصمات مهمة لا تنسى عبر التاريخ، والبعض حصل على معدلات مرتفعة ولا أعمم قد فشل في سوق العمل، تعتمد على ما كسبه من ثقافة ومهارة وخلفية تعليمية.

مخرجات التعليم هي النواتج النهائية لإعداد الكوادر البشرية المؤهلة التي يفترض أن تؤدي دورا فاعلا في سوق العمل، وهذه المخرجات تعتمد على جملة المدخلات في التعليم تتمثل بتوفير الكفاءات الاكاديمية والإدارية والفنية والمتطلبات المادية والتي بمجملها توظف من اجل انتاج مخرجات تعليمية ترتقي مع مستوى الطموح لسوق العمل وأصحابه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button