النفيسي وليز وماري
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

لا تقوم القنوات التلفزيونية بالطلب من ضيوفها عادة أن يكونوا صادقين، فهذا أمر مفروغ منه. ولكن عندما يتكرر إيراد أمور غير حقيقية من ضيف محدد على مدى حلقات، وتدرك القناة ذلك، فإن عليها أخذ جانب الحذر معه في اللقاءات التالية، والمحافظة على مصداقيتها، فهي أثمن من كم إعلان وكم متابع. ومن هذا المنطلق غرّد الأستاذ المحامي عماد السيف طالباً من القبس تضمين عقود من تقوم بمقابلتهم على مدى حلقات، شرط تحاشيهم ذكر أمور غير دقيقة أو غير صحيحة، أو مشكوك فيها، مع تقليل الاستشهاد بأقوال أو أحداث شارك فيها من غيّبهم الموت!

اتفقت القبس مع الأكاديمي عبدالله النفيسي على إجراء سلسلة من اللقاءات، بعد النجاح الذي لقيته حلقات الصندوق الأسود الأولى معه، وإن بإخراج مختلف، وحصل ما توقعه الكثيرون، ومنهم الأستاذ عماد السيف، حيث وقع الضيف في أخطاء قاتلة وصدرت منه اتهامات ما كان يجب أن تصدر عن متخصص مثله، وكلام أبعد ما يكون عن الحقيقة واتهامات جائرة وتغيير في الوقائع ، وكلها انطلت على المقدم بسهولة، وعلى مشاهدي البرنامج. ولو كان المقدم بوزن ومكانة الزميل والكابتن سامي النصف لكان الضيف أكثر حذراً في الاسترسال في سرد «حزاويه»!

يقول النفيسي في مقابلته الأخيرة:

«.. حضرت إلى الكويت ليز ديك تشيني، ابنة نائب رئيس أميركا، أرسلها البيت الأبيض إلى دولنا المسكينة وهم على علم بأنها «رئيسة الحركة السحاقية في أميركا» أو اللزبيان، وكانت معها صديقتها، وأتت لكي «ترفع اليد وتحمر العين»، وتحذرنا من المواد التي تحض على الكراهية وتدرس ضمن مناهج مدارسنا… إلى آخر ذلك من ادعاءات وخرابيط!

أولاً، ليز تشيني هي زوجة فيليب بيري Philip Perry، ولديهما خمسة أبناء، وهي سيدة متدينة.

زارت ليز الكويت في يونيو 2005 بصفتها الرسمية وليست مندوبة عن البيت الأبيض، والتقت بسيدات وآنسات من أعضاء مجلس الأمة في حينه، وخرجت بانطباعات رائعة عن الكويت، ولم تتدخل في المناهج ولم ترفع إصبعاً على أحد، وروابط هذه الزيارة موجودة على النت، وليس فيها شيء عما ادعاه.

أما شقيقتها ماري فهي لزبيان، ولم تكن يوماً رئيسة «الحركة السحاقية في أميركا»، على افتراض وجود مثل هذه الحركة!

من خلال الاستماع إلى ما ادعاه السيد النفيسي بحق ليز تشيني تشعر بمدى احتقاره للمثليين، أو اللزبيان، كما نطقها باشمئزاز، وتناسى أنهم على الأقل لا يتعاملون مع هذه الأمور بـ«الخش والدس»، ولا بـ«الكذب»، بل يواجهونها بصراحتهم المعتادة.

أما في مجتمعاتنا، التي لا تقل فيها نسبة اللزبيان، يا أخ عبدالله، عن نسبتهم في كل مجتمعات العالم تقريباً، فنبذنا لهم واعتبارهم خطراً على المجتمع ويستحقون الموت حرقاً دفعهم كل ذلك إلى الانزواء، بعد أن حُرموا من أبسط حقوقهم في الحياة بالكشف عن ميولهم!

وعليك بالتالي ألا ترمي بيوت الناس بالحجر، إن كان بيتك «الكويتي» من زجاج أو قش! وربما لا تعلم أيها السيد أن «نكاح المحارم»، كما تبيّن لجمعية نسائية، منتشر في مجتمعنا، ولكن هناك تعتيماً عليه، خوفاً من العار وخوف الضحية من العقاب، وبالتالي أرجوك لا تصوّر مجتمعات الغير بأنها منحلة ومجتمعاتنا فاضلة!

إذا كان هذا منطق عقلائنا فماذا تركنا للسفهاء منا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى