انقلاب السودان.. هل ستحول العقوبات البلاد إلى نسخةٍ عن اليمن وليبيا؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – ترجمة رنا قرعة –
تنقسم الأحزاب السياسية والنقابات والناشطون السودانيون حول الإجراءات العقابية التي فرضها المجتمع الدولي على السودان عقب انقلاب 25 تشرين الأول، ولا سيما ما إذا كان ينبغي فرض مزيد من العقوبات على القادة العسكريين الذين قادوه.
وبحسب موقع “ميدل إيست أي” البريطاني، “بعد الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من قبل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، جمدت الولايات المتحدة 700 مليون دولار من المساعدات وطالبت بالعودة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية. كما علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان في التكتل وأوقف البنك الدولي ملياري دولار في شكل منح تنموية للبلاد. في وقت سابق من هذا الشهر، تم تقديم قرار في الكونغرس الأميركي يدين الانقلاب ويدعو وزير الخارجية الأميركية إلى “التعرف على الفور على قادة الانقلاب، والمتواطئين معهم، والعوامل التمكينية للنظر في فرض عقوبات مستهدفة”. يرى بعض المعارضين للانقلاب أن مثل هذه التحركات هي بمثابة ضغط يمكن أن تساعد في هزيمة الجنرالات، في حين أن البعض الآخر مستعد لقبولها ببعض الشروط. وتناول قسم أخير العقوبات بريبة، معتبراً إياها تدخلاً خارجياً في شؤون البلاد. وحذر بعض المحللين من أن مثل هذه التحركات من قبل المجتمع الدولي قد تخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد مشابهة لحالة العراق وليبيا واليمن وغيرها، وتترك السودان تحت رحمة لاعبين إقليميين ودوليين متنافسين. يخشى الكثير من أن الشعب السوداني هو الذي سيتعرض للعقوبات وليس القادة العسكريون”.
وأضاف الموقع، “ومن بين الذين رحبوا بالتدخل الغربي، قوى الحرية والتغيير، التي ساعدت في قيادة الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير في نيسان 2019. وشدد الواثق البرير، العضو البارز في قوى الحرية والتغيير، على أن الجماعة تدعم بقوة الضغط الخارجي على الجيش كأحد الأدوات الرئيسية لإنهاء الانقلاب. وقال البرير: “ستستخدم قوى الحرية والتغيير أنواعًا مختلفة من التصعيد على الأرض ، والتعاون مع المجتمع الدولي، للضغط على الجيش للتراجع عن الانقلاب. لن نقبل أي نوع من المحادثات مع قادة الانقلاب حتى يعود الوضع إلى ما كان عليه في 24 تشرين الأول”.
وقال عضو بارز آخر في قوى الحرية والتغيير، شريطة عدم ذكر اسمه، لموقع “ميدل إيست أي”: “نحن على اتصال كامل مع المؤسسات الدولية المختلفة، إلى جانب الهيئات الحكومية في الولايات المتحدة، بما في ذلك الكونغرس. لذلك نحن على علم بالتحرك الأميركي للاعتراف بحكومة حمدوك والوقوف ضد أي حكومة يعينها الحاكم العسكري اللواء عبد الفتاح البرهان”. وقال المصدر أيضًا إن قوى الحرية والتغيير تريد تأكيدات بأن أي اعتراف بحكومة حمدوك على قادة الانقلاب سيأتي بضمانات من السعودية والإمارات ومصر بعدم دعم الجيش. وأضاف قائلاً: “نحن حريصون على عدم تكرار سيناريوهات زعزعة استقرار البلاد، مثل ليبيا أو اليمن، حيث توجد حكومتان ما أدى إلى تقسيم البلاد”.
وقال وليد علي، المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين (SPA)، الذي ساعد أيضًا في قيادة حركة الاحتجاج في عام 2019، للموقع عينه: “نحن في الواقع لا نعترف بالجيش أو قوى الحرية والتغيير، ولا علاقة لنا بما يسمى بالمجتمع الدولي. “يعتمد التجمع فقط على الشعب السوداني ويتمسك بمطالب الثورة، وليس مطالب المجتمع الدولي، سواء كانت من جانب الولايات المتحدة أو من جانب أي شخص آخر. سنقاتل الانقلاب العسكري ونعيد الديمقراطية بأنفسنا، ولا أحد يستطيع أن يفعل ذلك إلا نحن”.
في غضون ذلك، قال عضو بارز في الحزب الشيوعي، رغب أيضًا عدم الكشف عن هويته، للموقع إن أي تدخل دولي في البلاد غير مقبول وأن الحزب سيحشد الناس للوقوف ضده. وتابع قائلاً: “الحزب الشيوعي ضد الانقلاب العسكري وطالب مناصريه بالوقوف ضده ، لكننا نعطي الأولوية لسيادة بلدنا أكثر من أي شيء آخر. المجتمع الدولي لن يغير الوضع على الأرض أو ميزان القوى”.
وأضاف الموقع: “رفض الجيش السوداني بشكل غير مفاجئ أي نوع من التدخل الخارجي، قائلاً إنه يريد المصالحة مع العالم لكنهم حريصون على “تصحيح مسار” الانتقال الديمقراطي. وأفاد مصدر عسكري للموقع: “نحن نؤيد تعاونًا متساويًا مع العالم، ومع كل أصدقائنا في المنطقة، لكننا لا نقبل التدخل الدولي الذي سيحاول فرض أي شيء علينا”.
من جهته، قال الدبلوماسي الأميركي السابق كاميرون هدسون، للموقع، إنه يعتقد أن العقوبات الأميركية لن تؤثر سلبًا على المواطنين السودانيين”.
وحذر خالد التيجاني النور، محلل سياسي سوداني، من أنه في حين أن دعم الغرب لحمدوك سيضغط على الجيش، فإنه قد يضع السودان على طريق الانقسامات وزعزعة الاستقرار التي شهدتها ليبيا واليمن. وقال النور للموقع أم السودان كان بالفعل في وضع هش وجاء الإنقلاب ليعقد الأمور أكثر. وقال إنه في حين أن غالبية الشعب السوداني ضد الانقلاب، فإن فتح الباب للتدخل الخارجي سيكون له تأثير سلبي على البلاد. وتابع قائلاً: “علينا أن نفهم لعبة السياسة الدولية وكيف تتحرك المصالح في كل وقت. الديناميكية السياسية تدعم حكومة حمدوك الآن، لكن ذلك لن يستمر إلى الأبد، خاصة وأن البرهان يحاول معالجة هموم ومصالح الغرب في السودان، مثل التطبيع مع إسرائيل، وتنفيذ سياسات اقتصادية ضمن تطمينات أخرى”.
من جهته، يعتقد خالد سعد، وهو محلل سياسي سوداني آخر، أنه في حين أن الضغط الدولي سيساعد في عزل الحكام العسكريين، فإنه سيدفع السودان للعودة إلى الخضوع للنفوذ الإقليمي والدولي. وقال سعد في حديثٍ للموقع: “نعلم أن السودان كان يحاول خلال العامين الماضيين الخروج من موقعه تحت تأثير المحاور الإقليمية والدولية، لكن هذا الانقلاب سيعيدنا إلى هناك مرة أخرى. وسيؤدي تدخل الغرب إلى تدخلات من روسيا والصين المقربين من الجيش، وبالتالي فإن هذا السباق سيؤثر بشكل خطير على البلاد أيضًا. لا تنسوا أيضًا تأثير الدول المجاورة التي يستخدمها الغرب للحفاظ على نفوذه في البلاد. علينا أن نتعامل مع تضارب المصالح هذا بحكمة من أجل إعادة الديمقراطية إلى بلادنا، دون أن نفقد سيادتنا الوطنية”.