عند الانتخابات… يُكرم “التغيير” أو يُهان!
بقلم: ايناس كريمة

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

في إطار التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة المقرر إجراؤها في ربيع العام 2022، وما بين المراهنات والتمنيات للقوى الداخلية والاقليمية حول نتائجها ومدى تأثيرها على المشهد السياسي العام في لبنان وعلى الواقع الاقتصادي فيه، ثمة أسئلة جدّية تُطرح عن إمكانية فوز ما يُسمّى بقوى “الثورة والتغيير” المنبثقة من حراك 17 تشرين. هذا الفوز لا يعني اكتساحاً يطيح بالطبقة السياسية التقليدية بل يُترجم بتحقيق نتائج مقبولة تُحدث نوعاً من الخرق في مواجهة تكتّل الأحزاب وتعيد خلط الأوراق في الساحة اللبنانية ما من شأنه أن يُنتِج وقائع جديدة ويفتح الطريق أمام مسار سياسي جديد في البلاد.

ولكن ما هي الشروط التي يجب أن تتحقّق كي يتمكّن “المجتمع المدني” من خرق اللوائح المنافسة وتغيير المعادلة الداخلية؟

مما لا شكّ فيه أن رصّ صفوف المجموعات المدنية ضمن مشروع انتخابي واضح وموحّد يعتبر أول ركيزة من ركائز صمودها في مواجهة التكتلات السياسية القائمة، وعليه تُبنى أولى آمال الفوز في الاستحقاق النيابي المُرتقب إذ إن نسبة كبيرة من اللبنانيين الحاقدين على الطبقة السياسية، لا سيما بعدما ألقت الأزمات بظلالها الثقيلة على المجتمع اللبناني وانهيار الواقع الاقتصادي والمعيشي فيه، تدعم مسار التغيير وعليه فإن تضافر الجهود من شأنه أن يثمر زخماً أكبر وانتشارا أوسع على كافة الاراضي اللبنانية ويمنع تشتيت أصوات الناخبين في ظلّ قانون الانتخاب الحالي.

ولعلّ استمرار الأحزاب التقليدية في لبنان بسياساتها التنظيمية القديمة، أي عدم تجديد كوادرها وخطابها السياسي وماكيناتها الانتخابية، وعجزها عن القيام بإنجازات ولو ضئيلة قبل موعد الانتخابات سواء في الحكومة أو خارجها وتأمين أدنى مقوّمات الحياة للشعب اللبناني اليائس ،من شأنه أن يؤدي الى فشلها في استقطاب جماهيرها الحزبية واستجماع قواعدها الشعبية الغاضبة والمنكفئة عن التصويت ويصبّ في مصلحة قوى المجتمع المدني ويعزّز حتماً من فرص فوزها.

ويعتبر الاستقرار النسبي حالياً في لبنان عاملاً رئيسياً في المعركة الانتخابية المُقبلة، إذ يُشكّل بطاقة “تسهيل مرور” لقوى التغيير رغم أن البعض يعتبر ان المزيد من الانهيار قد يؤمن لها العبور السلس نحو السلطة وذلك من خلال التصعيد في لغة التحريض على الطبقة السياسية وكيل الاتهامات لها بالتقصير والتخلي ما من شأنه أن يشدّ العصب الشعبي لصالح المجتمع المدني، غير أن الفوضى السياسية أو الأمنية، ان وقعت، ستعطي دفعاً أكبر لقوى الاحزاب ضمن طوائفها وتعيد تجمهر الشعب من حولها باعتبارها الملجأ الوحيد للخدمات المرتبطة بالأمن الاجتماعي.

من هُنا، فإن حسابات الفوز يجب أن تكون دقيقة، حيث أن أي إخفاق في التكتيك سينسف كل الجهود المبذولة ويضيع بوصلة الناس ويضاعف حجم الترف السياسي التقليدي ويعزز التمثيل الحزبي في البرلمان النيابي ويزيد من سطوة القوى المُهيمنة على السلطة. لذلك فإن أمام المجتمع المدني تحديات كبرى لا يُستهان بها في معركة التصدي للاصطفافات السياسية والطائفية، وعند الانتخابات… يُكرم “التغيير” أو يُهان!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى