هل خرجت أزمة الحكومة عن حيّز المبادرة المحلّيّة؟
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
لا أفق للأزمة ولا حلحلة قريبة، ولا اتصالات او مبادرات، اللهم الا اذا حدث تطور خارجي لم يكن في الحسبان. كل طرف مرتاح على وضعه باستثناء رئيس الجمهورية الذي بدأ العد العكسي لولايته فيما الحكومة الاخيرة في عهده معلّقة، لا هي قادرة على العمل بفعالية ولا على الاستقالة. على عكسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. يعرف الرجل ان حكومته لا تملك عصاً سحرية لحل الازمات الموروثة، على مشارف الانتخابات النيابية. وفي حضرة الازمة السعودية سيكون من الصعب عليه عقد جلسة حكومية فيما وزير الاعلام جورج قرداحي لم يستقل بعد. لكن رب ضارة نافعة، ذلك ان عدم عقد جلسات حكومية يخلصه من عبء التفاهم مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وخبرياته والتي كان آخرها سلة تعيينات من الوزن الثقيل تبدأ برياض سلامة لتطاول تعيينات اخرى قضائية وادارية. خضة كبيرة اعتبرها حلفاء باسيل خطوة خارج قدرة البلد على تحملها. يكتفي ميقاتي باجتماعات وزارية تفي بالغرض. لا رابط بين استقالة قرداحي وعقد جلسات حكومية، المشكلة لا تزال ترتبط بالمحقق العدلي في تحقيقات المرفأ القاضي طارق البيطار. لغاية اليوم، كل الاقتراحات التي طرحت كمخرج لم تف بالغرض، وبعضها ليس دقيقاً.
مصادر معنية بالملف الحكومي قالت ان الازمة تراوح مكانها فيما لا مبادرات جدية بعد، وطالما ان لا حل للمحقق العدلي فلا جلسات حكومية، فضلاً عن أن ميقاتي ليس بوارد الدعوة لجلسة حكومية فيما الازمة مع السعودية لا تزال قائمة وقرداحي لا يزال رافضاً للاستقالة. هي اذاً دوامة تدور في فلكها الحكومة التي بات مصيرها معلقاً على حل قضية البيطار ومعالجة الازمة مع السعودية.
داخلياً يُعَدُّ حل أزمة المحقق العدلي المدخل لحل الأزمة، ذلك ان استقالة قرداحي ليست العقبة، هي تحرج ميقاتي وتعقد موقفه امام السعودية لكن حلها لن يحدث خرقاً في علاقته معها ذلك ان المملكة لم تسلّف ميقاتي منذ ترؤسه الحكومة، بل تجاهلته وشرعت في إعلان الحرب على حكومته، وتجاهله سفيرها في لبنان.
بعد احداث الطيونة خرج “حزب الله” من حيز المبادر الى طرح الحلول بعدما تحول الى طرف. يتواصل معه كل الاطراف بمن فيهم الاشتراكي محاولاً ثنيه عن مقاطعة جلسات الحكومة، ثمة من اوحى للاشتراكي ان مفتاح الحل في عهدة رئيس مجلس النواب نبيه بري. جواب جعل الرسول ومعه ميقاتي يتوهمان بوجود اجواء ايجابية لاعتقادهم ان بري اكثر مرونة في التعاطي. ظن ميقاتي ان اتصالاً بالنائب علي حسن خليل سيكفل وضع الحل على سكته الصحيحة، لكن واقع الحال ان “حزب الله” لا يزال على موقفه، لا بل ان الامر بات اكثر تعقيداً بالنسبة له من ذي قبل، فالحزب الذي اعتاد مسايرة حلفائه ولو على حساب مصالحه احياناً بلغ حداً من التصلب في موقفه بات يصعب معه مسايرة أقرب الحلفاء اليه.
وحيث لم يعد مفيداً الحديث عن آخر حكومات عهد عون او تحقيق الانجازات، او ما شابه لان المواجهة صارت علنية ورأس المقاومة هو المطلوب وهنا لا تنفع المهادنة او التنازل اياً كانت الاعتبارات، رفض “حزب الله” عرضاً بمقايضة ملف تحقيقات المرفأ مقابل التحقيقات بأحداث الطيونة. ويصر على حل جذري يتمثل بتنحي البيطار. ذاك الحل الكفيل باعادة مجلس الوزراء الى عقد جلساته والا فلا جلسات للحكومة طالما الملف لا يزال رهينة التسييس. يسلم بحقيقة ان وجود الحكومة ضرورة وانه بذل جهداً مضنياً وتحدى حلفاءه لتشكيلها ولكن عدم عقد الجلسات يعتبره بمثابة اعتراض سياسي لا يؤشر الى نيته الاستقالة بالضرورة، طالما يجرى البحث عن حل.
ليست الازمة الاولى من نوعها وليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي تبلغ معها الاوضاع مستوى من التعقيد يجعلها عصية على الحل، هذا اذا كانت الاطراف المعنية داخلياً معنية بالبحث عن الحل ولكن على الارجح ان القضية لم تعد شأناً لبنانياً داخلياً. ذلك ان البيطار وقضيته صارا محصنين دولياً ومن يقرب منهما فسيكون عرضة للعقوبات، اما ملف العلاقة مع الخليج والسعودية على وجه الخصوص فهو ايضاً خرج عن نطاق المبادرة المحلية. العين على ما ستحمله رياح المفاوضات في الخارج ربطاً بمدينة مأرب والمفاوضات السعودية الايرانية، او مفاوضات فيينا. وما دون ذلك تعبئة وقت وحراك في الوقت الضائع يحاول خلاله التركي او المصري او القطري ملء الفراغ.