ناس تخاف.. ما تختشيش!!
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
أمر النائب العام بحجز أربعة أعضاء سابقين في مجلس إدارة جمعية تعاونية في قضية استغلال أموال المساهمين. جاء قرار الحجز بعد التحقيق معهم في اتهامات مسندة إليهم بالسفر مجاناً في رحلات عمرة واستغلال شاليهات من أموال المساهمين.
تصرف هؤلاء يشبه في مضمونه قيام البعض بمخالفة قوانين المرور، وإقلاق راحة الناس وتعريض أرواحهم للخطر، من خلال إغلاق الطريق بمركباتهم ليقوموا بأداء الصلاة.
تصرفات هؤلاء تنطلق غالباً من القاعدة المكيافيلية، غير الأخلاقية «الغاية تبرر الوسيلة»، المبررة ربما في السياسة والحكم، ولكن ليس في الدين. فكون الهدف سامياً، لا يعني أن نبرر أخذ مال الآخرين أو سلبهم حرياتهم أو حقهم في استخدام الطريق بحجة أن في الأمر أداء فريضة دينية!
كما يشبه الأمر، إلى حد ما، ما حدث مؤخراً في عاصمة معروفة، عندما انقلبت عربة تحمل بطيخاً، وتناثرت حمولتها في الشارع، ونقل سائق العربية للمستشفى، فانتهز المارة الفرصة ونهبوا حمولتها بالكامل، وكان بين من نهب بعض من كانوا في طريقهم لأداء الصلاة، حيث دخلوا بها إلى المسجد ووضعوها أمامهم بجانب التراب، وأكملوا صلاتهم.
عنوان المقال مثل مصري معروف، يعني أن البعض يخاف من السجن ومن الغرامة المالية ومن العقوبات الأخرى، ولكن قلة حيائه ـــ وهذا مرض نفسي ـــ تدفعه لكسر القانون ومخالفة الأنظمة، وعندما يضبط متلبساً بفعلته ينهار باكياً، لاثماً حذاء رجل الأمن، طالباً الصفح والرأفة بحالة!
تفتقد مجتمعاتنا الأخلاق، ولا تعطي وزناً للقانون، لكنها تعرف جيداً ما هو «العيب» وتتجنب ارتكابه بدرجة أكبر بكثير من تجنب ارتكاب المخالفات، وقد يكون من صور العيب في مجتمعاتنا الخوف من القانون، وليس العكس، فالخوف يعني الضعف، وهذا معيب.
كما أن العيب في مجتمعاتنا مقتصر غالباً على الأمور الجنسية، أما عدا ذلك فيمكن تقبله وبلعه، وإن بصعوبة.
فمن العيب مثلاً أن تلوك الألسن سيرة شقيقة أحدهم. فهو على استعداد لشج رأس من يفعل ذلك. وقد يتطور الأمر، ويقوم بقتل الشقيقة إن تكرر سماع ما لا يرضيه عنها، «إنقاذاً لشرفه»، أمام أقرانه! ولو تبين لاحقاً أنها كانت بريئة، فإن هالة الشرف لا تسقط عنه، بل يظل «رجلاً شريفاً» في أعين الغالبية.
ولكن لو قام هذا الشخص نفسه بارتكاب كل الأمور التالية في أقل من يوم:
إيقاف سيارته تحت مظلة بيت جيرانه.
إغلاق الطريق تماماً وتعطيل مسار عشرات السيارات،
إلقاء القمامة في الشارع، رمي قناني المياه الفارغة والمخلفات في البحر، التدخين في الأماكن التي يمنع التدخين فيها، التلفظ بالسب على مقيم، أو التعدي على مسكين أو رقيق حال بالضرب، الذهاب إلى عمله الحكومي متأخراً والخروج مبكراً، التلاعب في عمله.
وغيرها من التصرفات غير القانونية واللاأخلاقية، فإن كل ذلك لا علاقة له بالأخلاق ولا بالعيب في نظر الغالبية، فهو إنسان شريف، ولكنه مخالف، ويكبر و….. يتعلم!!
نعود ونكرر بأن العقيدة حاجة لدى الإنسان، وليست بالضرورة أداة لتعليم الأخلاق، وأحد أشهر الأدلة على ذلك أن غالبية المخالفات المالية والإدارية التي ارتكبت خلال السنوات العشرين الماضية، بعد أن طفح كيل الأجهزة الرقابية قبلها، حدثت في أكثر الجهات رعاية وانشغالاً بالأمور الدينية!