يعيشون في عالم خيالي!
بقلم: أماني نشابة
النشرة الدولية –
«يعيشون في عالم خيالي.. وهذا لا يبشر بالخير لمستقبل البلاد»…. هذا ما قاله البلجيكي اوليفيه دي شوتو، مقرر الأمم المتحدة الخاص، المعني بالفقر المدقع، والذي يعمل في نطاق مجلس حقوق الانسان، خلال زيارته مجموعة من كبار المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان اضافة لتسعة وزراء.
خلال الأسبوع الماضي، حظي لبنان بتسلم تشخيصاُ لعلّته، تطوّع به المتخصص الأممي، الموصوف بأنه غير ذي هوى.
هي حالة مرت على الشرق الأوسط بصورة استثنائية، بعد أن أمضى في لبنان 12 يوماً التقى خلالها بكلّ من يعتقد أنه ذو صلة بأزمة وطنية توصفُ بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم منذ 150 عاماً.
أشار أوليفييه دي شوتر إلى أن الحكومة اللبنانية “تخذل شعبها”، محذّرا من أن الدولة أصبحت “على شفير الانهيار”… قال “لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها”.
قبل مغادرته بيروت، عمّم دي شوتر، بعضا مما خرج به من قناعات معززّة بالبيانات، وبالتوصيات التي سيرفعها للأمم المتحدة في الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
وهو وإنْ كانت مثل هذه التوصيات مآلها نفس الأرشيف المعروف في الأمم المتحدة، إلا انّ تجميع ما قاله دي شوتر، في أكثر من مقام قبل مغادرته، يُنتج صورة تتشكّل ألوانها من خليط الصدمة والفجيعة التي تجاور اليأس. وفي ذلك قصّة.
قُوّة التحذير في الشواهد والارتدادات المنظورة والمحتملة للمسألة اللبنانية، كما خرج بها المبعوث الأممي، تتصل حتماً بالبنية الإقليمية الوسيعة والحاشدة بالمتشابكات العابرة للحدود، فتقرع أجراس إنذار واجبة السماع.
وصفَ لبنان بأنه بلدُ الخيال والنزوات إذ يعيش الآن مأزوماً. كان ذات يوم منارة تسترشد بها المنطقة.
دي شوتر كان شخّص درجة الاعتلال في لبنان بأنه دولة ربما لم تصل درجة الانهيار، لكنها وصلت نقطة الشفير.
يشار الى أن الحكومة اللبنانية التي كانت تشكلت في العاشر من أيلول الماضي، بموجب توافق صعب بين الفرقاء السياسيين بعد 13 شهرا من الفراغ، على استعادة ثقة المجتمع الدولي الذي ينتظر منها القيام بإصلاحات جذرية من أجل حصول لبنان على دعم مالي.
ويعيش نحو 80 % من سكان لبنان تحت خط الفقر على خلفية تضخّم متسارع وشحّ في الأدوية والمحروقات وتقنين حاد للتغذية بالتيار الكهربائي، وسط رفع الدعم تدريجيًا عن الأدوية والطحين. واستنزف الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، احتياطات مصرف لبنان وأفقد الليرة أكثر من 90 % من قيمتها.
وأضاف دي شوتر “في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، تضيّع الحكومة وقتًا ثمينا في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها”، لافتًا إلى أن “تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة تسبّب بحالة بؤس شديد لدى السكان”.
قُوّة التحذير في الشواهد والارتدادات المنظورة والمحتملة للمسألة اللبنانية، كما خرج بها المبعوث الأممي، تتصل حتماً بالبنية الإقليمية الوسيعة والحاشدة بالمتشابكات العابرة للحدود، فتقرع أجراس إنذار واجبة السماع.
قال عن حكومات لبنان أنها تخذل شعبها، تضيع أوقاتاً ثمينة في التهرب من المسألة، وتشيع القلق العميق من كونها لا تأخذ محنة الناس عل محمل الجد. وأعطى على ذلك أمثلة عديدة تجنّب فيها الإشارة إلى ما يوصف بنعوت التآمر التي يجري إسباغها ،مثلا، على المعالجات الراهنة لانفجار ميناء بيروت ومتاهة التحقيق القضائي.
لكنه كرر أكثر من مرة أن الحكومة الحالية هي بالتأكيد حكومة ”الفرصة الأخيرة“.
وهو الذي يمتلك في سجله المهني تاريخاً من الاحتراف في رصد وتحليل أزمات مماثلة للحالة اللبنانية، تتوزع ما بين أمريكا اللاتينية ووسط آسيا ودول الساحل الغربي لأفريقيا، فقد وصف دي شوتر الحالة اللبنانية بأنها ”كارثة من صُنع الإنسان، استغرق صُنعها وقتاً طويلاً“.
شخّصها بأنها ”أزمة مُصنّعة“، والمذهل فيها هو التقصير في المسؤولية على أعلى مستويات القيادة السياسية، واصفاً العلاقة بين الطبقة السياسية والقطاع المصرفي على سبيل المثال، بأنها مقلقة للغاية.