الملك نكأ الجرح فهل تملك الحكومة العلاج؟
النشرة الدولية
منح جلالة الملك عبدالله بن الحسين أهمية قصوى للتحديث الإقتصادي والإصلاح الإداري في خطاب العرش، الذي يشكل خارطة طريق للحكومة ومجلس الأمة، وطالب الملك ببناء شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص بإقامة مشاريع وتحفيز النمو وتوفير فرص العمل، وهذه رسالة ليست جديدة يوجه بها الملك الحكومات المتعاقبة، لكن وللحق فإن الحكومات المتتالية فشلت في إيجاد الصيغة المناسبة لإيجاد الحلول التي تنهض بالإقتصاد الشمولي، بسبب عدم قدرتها على التفكير الإيجابي وإتباعه بالعمل السليم الذين يوفران السبل للقيام بجهود واضحة تنعكس بالإيجاب على الإقتصاد الاردني الذي يعاني، لترتفع نسبة البطالة بشكل غير مسبوق.
من هنا على حكومة الدكتور بشر الخصاونة إذا ما أرادت أن تتجاوز المعوقات أن تضع سياسة واضحة معروفة للجميع، كونها ستحتاج الدعم الشعبي عند البدء بخطة سليمة، وتكون البداية الحقيقية بمحاربة الفساد ولن تستطيع الحكومة أو مجلس الأمة أن ينفوا تهمة الفساد في الإقتصاد الاردني، وحاجة الوطن إلى علاج سريع وجذري للتخلص من أخطر آفة أثرت على النمو الإقتصادي وبرامج التنمية، وقد وضعت العديد من الخطط للخلاص من الفساد وتم تجربتها في عديد الدول، ووجد الغالبية بأن هناك نظرية سهلة لخصتها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في سطر واحد وهي ” نظف .. إمسك .. إبني” وهي النظرية الأسلم للعمل دون معوقات أو أخطاء.
وندرك أن محاربة الفساد ليس بالشيء السهل كونه تغلغل في المجتمع بحكم الواسطة والمحسوبية والإندماج بين رأس المال والسياسة، لذا لن يقوى من نجح بالغش وتم تعينه بالواسطة، وحصل على منصب وظيفي دون أن يكون له حق فيه، قادراً وراغباً بمحاربة الفساد، لأنه اصبح لهؤلاء الفاسدين ظهرور يتكئون عليها ويساندهم وقت الحاجة، لذا فإننا بحاجة إلى حكومة نظيفة وقوية قادرة على كسر ظهر الفساد بمواجهته بجميع أشكاله وأنواعة، والتصدي له في العلن وعدم الخوف من إرتدادات أنصار الفاسدين، الذين سيدافعون عن الفساد بكل قواهم، من خلال الصمود في وجههم سواء أكانوا من كبار موظفي الدولة أو مؤسسات إعلامية ضخمة، ثم تنطلق الحكومة بعد الإنتصار على أعوان الظلمة الفاسدين بعملية البناء السليم.
لقد نكأ الملك في خطاب العرش ما يعتقد البعض أنه مخفي، بالتركيز على التحديث الإقتصادي والإداري وهما متلازمان، ويبدأن طريق النجاح بفعلٍ واحدٍ مشترك بمواجهة الفساد من خلال منظومة قانونية سليمة وبفصل القضاء عن بقية السلطات، وبعد الإنتهاء من الفاسدين وأتباعهم تبدأ عملية البناء السليم كونها ستكون قد شُيدت على أرض طاهرة لا تقبل الحرام وترفض تزاوج رأس المال بالسلطة، وبهذه الطريقة سنجد أن عملية البناء الإقتصادي أسهل والتطوير الإداري أنجح، فهل تبدأ حكومة الخصاونة بالتطهير؟، أم أنها ستحاول البناء فوق الفساد، وعندها سيكون البناء قابل للإنهيار في أي لحظة، وتضيع الرسالة الملكية في عصر الحكومة الجديدة كما ضاعت الرسائل السابقة وتضيع فرصة الأمل التي يحلم بها المواطنون للخلاص من واقع الفساد والفاسدين.