ماتت الإنسانية بموت أمير
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

ينخفض صوت أنفاسه رويداً رويدا حتى هدأت وسكنت وانطفأت شمعة الحياة من عينيه، أسلم الروح لخالقها وترك الجسد لينقلوه صوب قبره حيث سيشكوا الجميع لله قبل أن يجتمع العباد بين بدي الرحمن، نعم الرحمن الأرحم بالفقراء والأطفال الذين لا يجدوا ملاذاً إلا هو، فصرخات أمير الرفاعي سمعها الله من فوق سبع سماوات ولم يسمعها أصحاب القرار، فاستضافه الله عنده حتى يشهد أمام الخلائق على من ضيعوا الأمانة وخانوا الشعوب وقصروا في عملهم، كونهم لم يسمعوا دعاء أخيار الأمة وهم يناجون ربهم  “اللهم يسر لي فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين”، فهذا الدعاء العظيم لا نجده على أبواب المسؤولين ولا في فكرهم.

تخيلوا لو كان هذا الطفل الأمير إبن مسؤول كبير ماذا سيحصل، عندها سيتم تذليل الصعوبات وإنهاء المعاملات بسرعة حتى يغادر للعلاج في أفضل مستشفيات العالم، وهذا هو أصل الأشياء مع الفقير والغني والصغير والكبير والوزير والغفير، هذا هو أصل الأشياء حين يتولى المناصب خيار الناس، وحين تكون المناصب تكليف وليس تشريف، وحين يكون الرجل المناسب في المكان المناسب لينهض الوطن بالشكل المناسب، ولينعم الجميع بالتعامل المناسب، لكن للأسف نبحث عن المناسب فنجد من يتولون المناصب من فئة ” مو   ناسب” أبدا.

مات أمير وسيشكونا جميعا لله وعلينا أن نخاف حقاً من غضب الرحمن الرحيم، فقد يُصيينا الغضب جميعاً لأننا صمتنا عن الفساد المستشري في مراكز القرار، والمحسوبية حتى في خيارات الموت والحياة، فكم مسؤول كبير سرق ونهب وأفسد تم علاجه على نفقة الدولة، وحين عادلك يقل كلمة شكر بحق الوطن الذي رفعه فوق الآخرين الذين دفعوا تكاليف علاجه من أموالهم التي تتحصل عليها الحكومة كضرائب، فهل علينا كشعب صابر أن نموت حتى يحيا عجزة يقتاتون ويتعالجون من أرزاقنا، وإن مرضنا يا أمير ندرك أن الآذان ستصم حتى نموت قهراً يفوق ألما يمزق الرئة والعقل.

ماتت الإنسانية ولم تشفع دموع والديك لتهز وجدان من سيطروا على ثروات الوطن، ولم نجد شركة ضخمة أو مؤسسة كُبرى تصرخ بأن أمير إبننا وإبن الوطن وسنعالجه على نفقتنا،لذا مات أمير دون أن يجد غير أيدي والديه تُداعب شعره ولا غيرها تمسح دموعه المتألمة الغالية ، ولا أياد تحضنه بحنان حتى يشعر بالأمان، لذا أقولها نيابة عن أمير لكل قادر على أن يمنحه الحياة وتقاعس، أقول لكم:” تبت كل أياديكم، فأنتم صُناع الموت وأعداء الإنسانية” .

Back to top button