جيل الشباب لا يثق بالأحزاب

يجلسون في صفوف متأخرة كون الصفوف الأمامية محجوزة للأثقل وزناً بمفهوم الواسطة الأردنية، والتي تشكل المقوم الرئيسي لاحتلال المناصب والارتقاء بها في شتى مجالات العمل الوظيفي الأردني، لذا لا يتقدمون كونهم لا يملكون القدرة على فرض الأنا الإبداعية الخاصة بهم، فيما رائحة الأنا المرضية تملأ الأماكن عبر الوزارات والهيئات المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني، ليبتعد الأصحاء عن قوة الرائحة بفعل العلاقات الخاصة التي تحجبهم طوعاً وكرهاً عن الارتقاء في العمل، بل تمنعهم في عديد الأوقات من وضع أقدامهم على درجات السلم حتى لا يثبتوا كفاءتهم ويحتلون مناصب صنعت خصيصاً لعدد محدود من المدعومين بفيتامين “واو” المشهور أردنياً، لذا يبحثون عن صناعة حاضر مبشر ومستقبل واعد من خلال محاولة الإنضمام للأحزاب والنقابات والأندية، وقد يخوض عدد منهم الإنتخابات النيابية المعروفة النتائج مسبقا بالنسبه لهم.

وظن الشباب بأن هذا الفيتامين موجود في المناصب الكبرى في الدولة فقط، لكنهم تفاجأوا أن هناك إبر مخدر جديدة يتعاطاها العديد من المسؤولين لتُبقيهم في مناصبهم أمد الدهر، وبالذات في مجالس النواب والأعيان والأندية والجمعيات والأحزاب و بدرجة أقل في النقابات، حتى أصبح زحزحة جبل أسهل من تحريك أي منهم من منصبه، ففي الأحزاب يعتبر منصب الأمين العام موقع أبدي خاص بشخص معين وتم رسمه على مقاسه، لذا يبقى إلى الأبد بفضل أعضاء تابعين له في الحزب والذين يوافق على قرار عضويتهم، فيما يتم رفض قبول العديد من الشباب إذا شعر رموز الحزب إن أبديتهم سوف تتعرض للتهديد، وهذه مشكلة كانت تعاني منها الأندية الاردنية حتى استفاقت وزارة الشباب وعدلت نظامها بأن يكون الرئيس لدورتين متتاليتين فقط، وكنا نأمل ان يصيب هذا النظام أعضاء مجالس الإدارات للخلاص من مسلسل “بوتين ميدفيدف”، واليوم نتمنى أن يتم استصدار قرار خاص بالأحزاب يحدد مدة بقاء الأمين العام في أحزاب تُطالب بتبادل السلطة، كون من فيها سُلطويون أكثر من مؤسسات الدولة.

الغريب وفي ظل هذه الظروف الصعبة للعمل السياسي فإن وزارة كوزارة التنمية السياسية تدعوا الشباب للانضمام للحركة الحزبية، لكنها لم تتنبه إلى أن هذه الأحزاب تجربة سيئة في مجال الحرية والديمقراطية، لأنها تُدار في غالبيتها بحكم ديكتاتوري يٌخضع الغالبية لقرار الفرد، لذا فإننا نجد ان الحركة الشبابية تنشط في مجال العمل النقابي، ووجه الاختلاف هنا أن الانضمام للحزب يحتاج لقرار مزاجي من لجنة العضوية والمكتب السياسي والأمين العام، فيما الانضمام للنقابات يحتاج فقط إلى شهادة علمية من جامعة معترف بها وفق نظام التعليم العالي، وهذا يعني ان إنضمام جيل الشباب للنقابات أسهل من تواجدهم في الأحزاب، كما تمكن لهم النقابات القدرة على الوصول في حال خوض الإنتخابات بفضل القوة الشبابية المُحركة، فيما في الأحزاب فإن الفشل حليف الشباب في ظل وجود تنظيم هرمي يُخضع الغالبية لقرار الفرد والفرد فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى