جلسة لمجلس الوزراء اللبناني المعطل من قبل الثنائي الشيعي لبحث ملف واحد فقط “صندوق النقد الدولي”

ميقاتي لن يدعو إلى اجتماع آخر للحكومة إلا عند التوصل لحل قضية مطالبة حزب الله وحركة أمل برفع يد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عن التحقيق

يؤشر إعلان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن قرب انعقاد مجلس الوزراء المعطل منذ أكثر من شهر للنظر في تقدم المباحثات مع صندوق النقد الدولي دون الخوض في غير ذلك من الملفات على تحويل الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل للحكومة اللبنانية إلى حكومة تصريف أعمال.

بيروت – يسعى رئيس الحكومة اللبنانية المعطلة نجيب ميقاتي لتجاوز الشلل الحكومي الذي يفرضه الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل على انعقاد مجلس الوزراء، عبر الدعوة إلى اجتماع وزاري يخصص فقط لبحث التنسيق مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات دون الخوض في المسائل الحكومية الأخرى، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحول حكومة ميقاتي إلى حكومة تصريف أعمال.

وقال ميقاتي الجمعة إنه سيدعو الحكومة إلى الانعقاد قريبا، وذلك بعد ما يربو على شهر من الشلل السياسي في البلاد، مشيرا إلى أنه لن يدعو إلى اجتماع آخر للحكومة إلا عند التوصل إلى إطار لحل قضية مطالبة الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل برفع يد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار عن التحقيق.

ولم يجتمع مجلس الوزراء منذ الثاني عشر من أكتوبر، بسبب مطالب الثنائي الشيعي الذي قرن عودة انعقاد مجلس الوزراء باستبعاد بيطار.

وجاءت تصريحات ميقاتي بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، فيما تشير مصادر لبنانية أن ميقاتي قد تحصل على ضوء أخضر من الثنائي الشيعي لانعقاد مجلس الوزراء على أن يكون الاجتماع تقنيا من أجل الحصول على المساعدات من صندوق النقد الدولي وعدم الخوض فيما عدا ذلك.

وتركز حكومة ميقاتي على استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل تقديم مساعدات خارجية يحتاج إليها لبنان بشدة ويكتنفها الجمود السياسي منذ أن انفض اجتماع لمجلس الوزراء بسبب خلاف حول قاضي التحقيق في انفجار المرفأ.

ويعتبر التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على نطاق واسع السبيل الوحيد لحصول لبنان على المساعدات الدولية التي يحتاج إليها بشدة.

ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي يصفه البنك الدولي بأنه من أسوأ حالات الكساد في العصر الحديث. وفقدت الليرة 90 في المئة من قيمتها، وانزلق 75 في المئة من اللبنانيين إلى هوة الفقر.

ووجد ميقاتي نفسه مكبلا إذ أن فيتو أميركيا – فرنسيا يمنعه من الاستقالة من منصبه وهو ما لوّح به سابقا عند اندلاع أزمة القاضي بيطار وتعطل انعقاد مجلس الوزراء ومرغما في نهاية المطاف على الاستجابة لمطالب الثنائي الشيعي.

وكشفت مصادر سياسية لبنانية مقربة من الثنائي الشيعي مؤخرا أن مؤشرات استبعاد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت استوت.

ويرى مراقبون أن نجاح الثنائي الشيعي في فرض أجندتهما على رئيس الحكومة اللبنانية يسلط الضوء على النفوذ الكبير لجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران والتي دعت إلى تغيير بيطار واتهمته بإجراء تحقيق مسيّس يستهدف أشخاصا بعينهم.

التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي سبيل لبنان الوحيد للحصول على المساعدات الدولية التي يحتاج إليها بشدة

وتتألف الحكومة اللبنانية من أربعة وعشرين وزيراً خمسة سُنّة وخمسة شيعة، واثنان دروز، والمسيحيون (خمسة موارنة، و ثلاثة أرثودوكس، واثنان كاثوليك، وواحد من الأرمن، وآخر من الأقليات).

ويشترط الوزراء الشيعة استئناف جلسات مجلس الوزراء على أن يبحث المجلس في ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، تمهيداً لتنحية بيطار.

وسعى بيطار إلى استجواب أحد كبار السياسيين في البلاد وهو وزير المالية السابق علي حسن خليل الذي قال إن جميع الخيارات مفتوحة للتصعيد السياسي عندما سُئل عما إذا كان من الممكن استقالة بعض الوزراء. وخليل هو الذراع اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحليف وثيق لحزب الله.

وكان حزب الله وحركة أمل قد سحبا الوزراء التابعين لهما من الحكومة في أوقات سابقة من الصراع السياسي ما أدى إلى انهيار الحكومة التي يقودها السنة من خلال سحب التمثيل الشيعي منها.

ولا يملك ميقاتي سلطة عزل بيطار، لكنه قد يلغي قرارا سابقا يقضي بإحالة التحقيق إلى المجلس العدلي وهذا سيكون، حسب محللين، اعتداء كبيرا على فصل السلطات.

وبعد مرور أكثر من عام على الانفجار الذي هز بيروت، تواجه جهود القاضي بيطار عقبات سياسية بخصوص استجواب كبار المسؤولين للاشتباه بأنهم كانوا على علم بالمواد الكيميائية المخزنة ولكنهم لم يفعلوا شيئا لتجنب الكارثة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص.

ومؤخرا، أصدرت محكمة لبنانية قرارًا بكف يد بيطار عن قضية انفجار مرفأ بيروت إلى حين البت في طلب مقدم من وزير سابق لرد المحقق العدلي.

وهذه هي المرة الرابعة التي يتم فيها تجميد التحقيق، وتعود الأولى إلى ديسمبر 2020 عندما علقه المحقق العدلي السابق فادي صوان لمدة 10 أيام قبل تنحيته إثر شكاوى قضائية تقدم بها النائب حسن خليل، حليف حزب الله الوثيق.

وتتساءل أوساط سياسية لبنانية عن سبب التهجم على المحقق في حادثة بيروت رغم أنه لم يوجه اتهامات لأيّ طرف سياسي بالمسؤولية عن الحادثة بما في ذلك حزب الله.

 

تصريحات ميقاتي جاءت بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون
تصريحات ميقاتي جاءت بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون

 

ويشير هؤلاء إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بوضع نفسه في مواجهة مع المحقق يعزز الشكوك التي تتداولها وسائل إعلام غربية ومحلية بدور ما للحزب في حادثة انفجار مرفأ بيروت.

ولم يرشح عن تحقيقات القاضي بيطار ما يؤشر إلى وجود علاقة بين نيترات الأمونيوم التي تسببت في انفجار المرفأ وبين حزب الله، إلا أن الحزب آثر حشر نفسه.

واستدعى بيطار مشتبها بهم ، وهو لم يحدد حتى الآن أي وجهة لمسار التحقيق، باستثناء أن ثمة مسؤولين حكوميين تجب مساءلتهم، وربما لاحقاً محاسبتهم، وليس من بين هؤلاء حتى الآن أيّ مسؤول من حزب الله.

وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية اغتيالات وتفجيرات وحوادث عديدة لم يكشف النقاب عن أيّ منها، إلا نادرا، ولم يحاسب أيّ من منفذيها لا يزال اللبنانيون ينتظرون أجوبة عن أسئلتهم: من أتى بهذه الكمية الضخمة من نيترات الأمونيوم إلى بيروت؟ لماذا تُركت سبع سنوات في المرفأ؟ ومن كان يعلم بها وبمخاطرها؟ وما هي الشرارة التي أدت إلى وقوع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم؟

ويُشكك الكثيرون في إمكانية التوصل إلى حقيقة ما حصل أو حتى محاسبة أيّ مسؤول سياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى