هل يكفي توافق عون وميقاتي لعقد جلسة حكومية؟
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
يشبه اعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد زيارته بعبدا عزمه على دعوة الحكومة الى جلسة عما قريب المثل القائل “انا وأهلي متفقين ومش باقي الا موافقة العروس وأهلها”، ذلك ان اتفاق رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة على ضرورة معاودة الحكومة عقد جلساتها يوحي وكأن صيغة ما توافقية تلوح في الافق كفيلة بالافراج عن الحكومة او ان مسعى ما باتت نتائجه قريبة ستحل عقدة المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار.
مبررات ميقاتي لعقد جلسة لحكومته تراكم “اكثر من 100 بند على جدول اعمال مجلس الوزراء ما يقتضي الدعوة الى عقد جلسة قريباً لتسيير أمور الدولة، اضافة الى ضرورة الاسراع في اقرار الموازنة العامة وإحالتها إلى مجلس النواب، لدرسها واقرارها بالتوازي مع اقرار الاصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”. فعلى ماذا يتكل رئيس الحكومة؟ وهل ان الثنائي الشيعي ابدى مرونة حيال قضية البيطار ووافق على تجاوزها؟ الجواب على هذا السؤال يمكن استخلاصه من موقف اعلنه نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم وزع امس، مفاده ان “حزب الله مع عودة الحكومة إلى الاجتماعات بعد معالجة أسباب توقفها”، وطالما ان اسباب توقفها اي تنحية البيطار لم تتم بعد يعني ان لا جلسة للحكومة عما قريب. ليست المرة الاولى التي يطرح فيها رئيسا الجمهورية والحكومة السيناريوات الممكنة لفك اسر الحكومة وعدم ربط جلساتها بتنحي المحقق العدلي، ومن ضمنها اعادة اعتماد صيغة سبق وطرحت ولم يوافق عليها رئيس مجلس النواب وتقضي بالدعوة الى تشكيل لجنة برلمانية، ويصار من خلالها الى فصل ملف النواب والوزراء عن ملف البيطار وحصره بمحكمة خاصة تتولى محاكمتهم. صيغة ثانية وهي الاحدث ان يعد جدول اعمال ببنود تحاكي هموماً معيشية وحياتية للمواطنين في محاولة لاحراج الثنائي الذي قد يجد نفسه محرجاً في ما إذا تخلف عن المشاركة، صيغة ثالثة ان تعقد جلسة لا يحضرها الثنائي الشيعي وهذه ستخلق حكماً جدلاً دستورياً لاعتبارها فاقدة للميثاقية.
يلتقي عون وميقاتي على اعتبار ان لا منطق بربط مصير جلسات الحكومة بملف التحقيق العدلي، وللثنائي الشيعي ان يبحث عن مخرج بعيداً عن مجلس الوزراء حيث لا سلطة للحكومة على المحقق العدلي.
ويبدو واضحاً ان عون كما ميقاتي، ليسا بوارد فتح مشكلة في الداخل ولا مع اهالي ضحايا تفجير المرفأ على خلفية اقالة البيطار. ثمة من يتحدث عن استحالة ازاحة البيطار من خلال مجلس الوزراء وعلى الثنائي ان يبحث عن المخارج الممكنة خارج السلطة التنفيذية.
اذاً عقدة العقد لم تحل بعد وقد باتت منطلقاً لحل جملة تعقيدات ومن بينها الموقف من استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي… وحتى قانون الانتخاب. بقراره الدعوة الى جلسة حكومية يعني ان ميقاتي تجاوز قضية استقالة قرداحي كشرط لانطلاق عمل الحكومة، جلّ ما اتفق عليه الا يعلن قرداحي مقررات الحكومة في حال عقدت. ولكن ماذا إذا تضامن وزيرا تيار “المردة” والوزير الذي يمثل النائب طلال أرسلان مع الثنائي الشيعي؟ هل يضمن الرئيس عون أو الرئيس ميقاتي حضور هؤلاء أم أن غيابهم سيطيّر أي جلسة تتم الدعوة إليها؟
ضمناً توافق ميقاتي وعون على عقد جلسة حكومية عقب عودة عون من زيارته قطر اواخر الشهر الجاري، وعودة ميقاتي من الفاتيكان التي سيتوجه لزيارتها الخميس المقبل. والى ان يحين الوقت فالرهان على تليين موقف الثنائي، خاصة وان ميقاتي لم يفقد الامل من حلّ سيخرج من عين التينة بعد الاستنجاد برئيس مجلس النواب نبيه بري.
كل البلد بات رهينة قاض متمسّك بمتابعة عمله، وسط تأكيد كل الجهات المعنية بعدم سلطتها عليه لثنيه عن متابعة تحقيقاته حتى بات وضع القضاء على المحك. فالداخل الى قصر العدل يلاحظ كيف ان الجسم القضائي بات مقسوماً بشكل عمودي مع البيطار وضده، مع التقاء الجهتين على مخالفة البيطار في خطوات معنية اتخذها وتسييس ملفه. ولم يسلم رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود من شظايا الاتهام بأنه لو اراد لأوجد حلاً لقضية البيطار لكنه ضمنا لا يريد التورط بأي مخرج من قبله. وتقول معلومات ان القاضي عبود فشل في اقناع القضاة بأن يصار الى التصويت على مصير البيطار خلال اجتماع الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
بلد على كفّ قاض، واضح انه في غير وارد تغيير اسلوبه او التنحي عن متابعة الملف، في هذا الوقت يصر الثنائي على مطلبه، ولو اكمل مجلس الوزراء بلا جلسات الى ان يقضي الله امراً، أما القرارات الطارئة وتلك المتعلقة بقضايا الناس الحياتية فيمكن للمراسيم الجوالة ان تفي بالغرض.
بلد لا يمر يوم عليه من دون ان يثبت حاجته الى ضابط ايقاع او مايسترو لادارة الاوركسترا السياسية، بعد ان ثبت ان لا جدوى من رئيس قوي ولا رئيس سلطة تنفيذية بصلاحيات، الاول حدوده ان حضر يترأس والثاني حدوده الدعوة لعقد جلسة، وكلّ منهما يقف عاجزاً، ولم يسعفهما الطائف فيما غدت الاستعانة بصديق مستحيلة.