المبدعون مستبعدون .. والحافظون على المناصب يتقافزون!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
يحلمون ويحلمون ويستفيقوا على كوابيس لا تنتهي، فالحكومة حين ترغب في تعيين موظف في منصب كبير تجد ضالتها في ابن مسؤول كبير، لذا نجدهم يسيطرون على البلاد ويقودون العباد، فيما أهل الفكر والرؤى من أبناء عامة الشعب يبحثون عن وظيفة تسد رمقهم، كون باب الفرصة لنشر إبداعهم موصود ولا مجال أمامهم للوصول، لنجد ان أعظم ما يقومون به أن يعملوا تحت إدارة أحد المرفهين ويمنحوه الأفكار والآراء الجاهزة، فيما هو يتصدر المشهد كعبقري يُنافس اينشتاين في نبوغة وخالد بن الوليد في جرأته وعبد الحليم في جمال صوته، ويتحدث بما حفظ لا بما فهم، ليعتقد الجهلاء أنه الأمل المشنود والسكر المعقود فيصفقوا له بجنون بلا حدود.
هذا الوضع القائم منذ فترة ليست بالقصيرة ذكرني بقصة الممثل الإنجليزي الساخر شارلي شابلن، وهو يحكي قصة قد تكون حصلت معه بالفعل أو أنه يسخر من مجتمع فاسد في ذلك الوقت، وهذا المجتمع نتشابه معه في العصر الحالي، فيقول شابلن: “شاركت مرة متخفياً في مسابقة تحمل عنوان “من الأفضل في تقليد شارلي شابلن” وحصلت على المرتبة الثانية، وأما المرتبة الأولى فكانت من نصيب ابن رئيس لجنة المسابقات”، هذه القصة الساخرة لم تأتي من فراع بل بسبب إنتشار الفساد في إنجلترا، وعدم وجود رادع للفاسدين الذين لا يخجلون من فسادهم ويعتبرونه “شطارة”، وهذا مشهد متكرر في شتى الدول العربية .
ما حصل مع شابلن هو أمر يتكرر بكثرة في الأردن، فإبن رئيس الوزراء يصلح لمنصب الرئيس كونه الأفضل في تقليد والده ، وكذلك ابن الوزير وحتى ابن الممثل والمغني والرياضي، فهي جينات البلاغة والإبداع والمهارات التي يتوارثها الأبناء من الآباء ولا يمتلكها الآخرون، لذا نجد شابلن وجميع المبدعين من أمثاله غائبين عن كل المناصب التي تم جيرها أصحابها لأبنائهم، وعلى طريق شابلن يسير الملياردير الأمريكي بيل جيتس الذي لا يستطيع أن يعمل في مجال الإنترنت في الأردن، كونه لا يحمل شهادة جامعية تؤهلة للعمل حسب المواصفات والمقاييس الاردنية.
ففي الأردن الشروط توضع لحماية أطراف محددة وتمنع المبدعين من العمل، لذا نجد ان النهوض يحتاج إلى تغيير شامل للعديد من الأنظمة والقوانين التي وضعت لخدمة أطرف معينة، ولضمان بقاء أشخاص في مناصب القيادة، ومنها نظام اللجنة الأولمبية المعمول به لخدمة عدد محدود من الملتصقين بالمناصب، ولا يمكن أن يتغيروا إلا بقرار إلآهي كون القوانين وتركيبة الهيئات العامة تعمل لمصلحتهم، لذا نقول بكل حزن وأسف وداعاً للإبداع فنحن باقون كما نحن حتى يحصل التغيير، لكن في ظل سيطرة أصحاب المصالح على القرار يبدو ان التغير أمر مستبعد، وسيبقى أحفاد رئيس لجنة إختيار “من الأفضل في تقليد شارلي شابلن” يختارون أبنائهم وأصدقائهم وأبناء أصدقائهم وأقاربهم، وحتى ان مات رئيس اللجنة فسيرثه رئيس.