متى تعود جامعة الكويت إلى عصرها الذهبي؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

كان من المفترض الإعلان عن اسم مدير جامعة الكويت في السابع من أكتوبر الماضي، لكن ذلك لم يحصل، بعدما أنهت اللجنة المشكلة أعمالها وأجرت مقابلات مع 31 “أستاذ دكتور” تقدموا للمنصب.

في هذا الشأن كتب الزميل د. حامد الحمود مقالاً في “القبس” حول دور وزير التعليم العالي في اختيار مدير الجامعة، واستعرض خلاصة البحث الذي قام به أستاذان في جامعة صينية بغرض تقديم النصح للحكومة لتكون أكثر شفافية عند اتخاذ قرارها باختيار مديري الجامعات ومقارنة “المنهجية” بينها وبين اليابان وأميركا وفرنسا وغيرها من الدول، ثم ينهي مقالته برجاء ألا يقبل وزير التعليم العالي أي اسم “يعرض” أو “يفرض” عليه.

وبحكم شغله لمنصب “مستشار” أيام الوزير بدر العيسى واطلاعه على الكثير من الملفات ومعرفته عن قرب للوضع التعليمي، طرح قبل أسابيع سؤالاً على الجمهور من خلال حسابه على “تويتر” ومن وحي “التصنيف المؤلم” الذي وصلت إليه جامعة الكويت يقول: هل تؤيد تعيين مدير للجامعة غير كويتي، وكان قد خدم في منصب قيادي، وفي جامعة عالمية مميزة؟

لم يتسنّ لي معرفة النتائج التي وصلته، لكن السؤال بحد ذاته يسمح في الدخول إلى دائرة البحث والتقصي، فالعارفون ببواطن الأمور يعتقدون جزماً بوجود كفاءات من بين الأساتذة الكويتيين، لكنهم لا يمنحون الفرصة لتبوء المنصب، وهم مستبعدون لأسباب مختلفة! لذلك يرى هؤلاء أن من يعين من الخارج سيراعي مصالحه أولاً، ولن يرفض طلباً حفظاً لمركزه، وقد يكون هناك مثله من أبناء البلد.

عودة إلى الوراء قليلاً، فالتصنيف الذي خرج مؤخراً ونشرته “الجريدة” وَصَفَ جامعة الكويت بأنها في “الحضيض” وهو ما اعتبره عدد كبير من المهتمين ضرباً بهذا المرفق التعليمي بُني على معايير غير علمية، ولا يمكن القبول بها أو الوثوق بمنهجها، وآخرون ممن دافع عن سمعة الجامعة اعترفوا بأن العلة تكمن في من يبحثون عن المناصب والبدلات والامتيازات وفوق ذلك محاربة الكفاءات وجعلها من نصيب المحسوبين على أصحاب النفوذ والواسطات والتدخلات التي نخرت الجسد الجامعي بلا هوادة.

الغيورون على الجامعة يقولون، مدير جامعة غير كويتي لن يختلف عن بعض أبناء البلد بسهولة شرائه، فعروض البيع قائمة والمسألة ليست هنا، أي بكونه أجنبيا إنما في مكان آخر.

لقد احتاجت الكويت مدير جامعة غير كويتي مع بدء النشأة منتصف الستينيات، لكنها الآن تزخر بالكفاءات وأصحاب الخبرات والاختصاص والمؤهلين فعلياً للإدارة، ووسط هذا الجدل حسمت الجامعة أسباب تراجعها في رد على سؤال برلماني وأرجعته إلى سبعة أسباب نشرتها “الجريدة” أواخر شهر سبتمبر 2021، منها انخفاض نسبة أعضاء هيئة التدريس الأجانب، وبكونها الجامعة الحكومية الوحيدة في الدولة، وأن سياسة القبول تعتمد على قبول كل الطلبة الكويتيين، إضافة إلى انخفاض عدد أبحاث أعضاء هيئة التدريس وقلة الجهات الداعمة على تبني دعم الأبحاث.

قد تكون تجربة الجامعات الخليجية وبالتحديد في المملكة العربية السعودية فيها الكثير من الإيجابية وبث روح التحدي من حيث النتائج المرموقة التي حققتها وفق التصنيفات العالمية، وهي الأقصر عمراً في بعضها، من جامعة الكويت، علماً أنها ذات طابع حكومي.

السؤال، لماذا نجحت في المملكة وأخفقت في الكويت؟

من الصعب الفصل بين التعليم العالي الرسمي وبين الواقع السياسي والاجتماعي القائم، فالجامعة تبقى نسخة طبق الأصل عما يجري خارجها، ويبقى التعليم مفتاح التغيير، فإن حسنت أحواله حسنت أوضاع الدولة والمجتمع، وإن ساءت ولم تمتلك هامشاً من الاستقلالية فسيكون الثمن مزيداً من التدهور والتراجع.

وحتى لا يبقى الكلام في العموم، يطرح السؤال من جديد، هل إصلاح الجامعة متوقف على “منصب المدير” فقط أم أن هناك جوانب أخرى أساسية لابد من توافرها حتى تتهيأ الأرضية والبيئة المناسبة لإحداث الفرق بالنتائج وتعود الجامعة إلى عصرها الذهبي الذي حققته في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات؟

Back to top button