قمة عالمية في دبي لتحديد آفاق قطاع التصنيع المستدام

مستقبل التنمية يعتمد على الاستثمار في التقنية وبناء الشراكات الاستراتيجية

فرضت التحولات المتسارعة في الاقتصاد العالمي بعد الأزمة الصحية على دول العالم التركيز بشكل أكبر على تعزيز كفاءة القطاع الصناعي الذي يعد إحدى أبرز قاطرات التنمية ودعم مساهمة تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في مستقبل هذا المجال.

وتمكنت القمة العالمية الرابعة للصناعة والتصنيع التي تختتم فعالياتها الثلاثاء في دبي من جمع أبرز الفاعلين في القطاع لرسم ملامح استدامة الصناعة والتصنيع، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية التي أثبتت أنها أهم محركات التنمية لدول العالم.

وتُعنى القمة بإعادة صياغة مستقبل القطاع فيما بعد أزمة كورونا التي خيمت على العالم لتصبح تقنيات الثورة الصناعية الرابعة أملا في عهد جديد من النمو عبر زيادة الاستثمارات والشراكات وتوفير المزيد من فرص العمل.

وأجمع خبراء خلال فعالية اليوم الأول للقمة بعنوان “التكنولوجيا والشراكات: تعزيز النمو في القرن الـ21” المنعقدة في إكسبو 2020 دبي على أن مستقبل التنمية عالميا يعتمد على التقنيات المتقدمة وتحركه الشراكات الاستراتيجية بين الدول والمؤسسات.

وأكدوا على أن التعاون الدولي وزيادة زخم الشراكات وتضافر الجهود عالميا هو المسار السريع لتعافي القطاع الصناعي والقطاعات الاقتصادية الأخرى لتحقيق النمو المنشود.

واعتبر جيرالد غريمستون وزير الدولة للاستثمار في بريطانيا أن العالم لم يسبق له أن كان أكثر ترابطا عبر تبادل البيانات وقد استفاد من الجائحة في تسريع تبني التقنيات الرقمية، حيث تقدمت التجارة الإلكترونية أشواطاً على التجارة التقليدية، وهو ما يتطلب تطوير اتفاقيات الشراكة التجارية بين الدول لتواكب التحول الرقمي.

وأكد على أن العلاقات الدولية القائمة على التعاون يجب أن تكون معيار المرحلة المقبلة، وقال إن “الشراكات مع دول الخليج يجب أن تتسارع للاستفادة من منافع التجارة الحرة والتحول الرقمي”.

وأشار غريمستون في مداخلته، التي نشرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية البعض منها، إلى أن الاستثمار بات ممارسة متبادلة ومستدامة تقودها التحولات الرقمية وتحركها الثورة الصناعية الجديدة التي يشهدها العالم.

ويأتي معظم الناتج المحلي الإجمالي العالمي من ثلاث فئات هي الزراعة والخدمات والصناعة، ولكن قطاع التصنيع الذي يتضمن إنتاج المواد الأولية والبناء والكهرباء والتعدين وغيرها ثاني أكبر مساهم في الناتج العالمي.

وتشير التقديرات إلى أن القطاع الصناعي يساهم بنحو ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو يوفر للبشر الملايين من الوظائف.

وتمثل الصناعة نسبة مئوية أكبر من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية مقارنة بالدول المتقدمة، وبشكل عام يمثل القطاع أعلى نسبة مئوية من الناتج في منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وأكد عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي في الإمارات، أن بلاده تعتبر وجهة عالمية للمواهب والكفاءات المتخصصة في مختلف القطاعات، لاسيما قطاعات الاقتصاد الرقمي.

وقال إن “ثمة حاجة إلى المرونة في مواكبة واستشراف التطورات الحاصلة في مجال البيانات فالعالم اليوم يشهد تنافسية في استقطاب المواهب، والإمارات قادرة على استقطاب أفضل المواهب من مختلف أنحاء العالم”.

وتشكل الشراكات بين الجهات الحكومية مع القطاع الخاص عنصرا مهما في تحقيق البيئة الرقمية الداعمة لمختلف قطاعات الأعمال، وخاصة ما يتعلق بمجال التصنيع.

وقال العلماء إن “تطوير البنية التحتية والاستثمار فيها وتوفير الأطر التنظيمية الممكنة والداعمة لمختلف قطاعات الاقتصاد والتنمية أساسي للاستفادة من الفرص”.

وتعد الإمارات سبّاقة على مستوى الشرق الأوسط في توفير بنية تحتية رقمية متكاملة لا تواكب احتياجات الحاضر فقط، بل تستشرف متطلبات المستقبل، بما يسهّل تأسيس مشاريع ناشئة مبتكرة في قطاعات الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا.

وترى روث بورات، نائبة الرئيس الأولى والمديرة المالية لشركة ألفابايت (الشركة الأم لغوغل)، أن دروس إدارة المخاطر خلال الجائحة والأزمة الاقتصادية العالمية قبلها كانت مهمة جداً لتؤكد أن البيانات والمعلومات الدقيقة هي الأساس لتجاوز أي أزمة والتعافي منها.ويؤكد الخبراء أن الابتكارات فرضتها العديد من المتغيرات بما فيها الأزمة الصحية، وبالتالي لا بد من الانسياق وراء تنمية الاقتصاد الرقمي العالمي لتحقيق الفوائد.

وتعتقد بورات، التي استثمرت شركتها ألفابايت أكثر من 100 مليون دولار في البحث والتطوير خلال السنوات الخمس الماضية، أن الاستثمار في البنى التحتية الرقمية يجب أن يكون طويل الأمد.

وقالت إن ذلك يساعد “الشركات اليوم على تخطي الاضطرابات في سلاسل التوريد التي تأثرت بها قطاعات اقتصادية وصناعية بعد الجائحة، خاصة إذا استفادت من تكامل خدمات تحديد المواقع مع تقنيات تحليل البيانات”.

وأكدت بورات أن الاستخدام المسؤول للبيانات والخدمات السحابية من قبل الشركات والحكومات سيحقق سرعة التعافي.

وتتيح تقنيات تحليل البيانات وتخزين ومعالجة البيانات الضخمة للشركات وقطاعات الأعمال تعزيز حضورها في الفضاء الرقمي، بالإضافة إلى تخفيض النفقات الناتجة عن استهلاك الطاقة والموارد، والاستعاضة عن ذلك بالحلول الرقمية والسحابية المبتكرة.

وام

زر الذهاب إلى الأعلى