معرض أردني يحتفي نحتا ورسما بآلهة الفرح والبهجة “إفروسيني”
معرض الثنائي خالد وسمر طرزي يستعيد أجواء الميثولوجيا اليونانية عبر شخصية إفروسيني في احتفاء بالنعمة والجمال.
يستعيد معرض “إفروسيني” للثنائي الأردني خالد كمال طرزي وسمر كمال طرزي المقام حاليا في غاليري “رؤى 32 للفنون” بالعاصمة الأردنية عمّان، أجواء الميثولوجيا اليونانية عبر استيحاء شخصية إفروسيني التي كانت تشكّل مع أختيها آغليا وثاليا دائرة يقدّمن فيها استعراضاتهنّ على أنغام موسيقى أبولّو.
عمّان – يتواصل حتى نهاية شهر ديسمبر القادم في غاليري “رؤى 32 للفنون” بالعاصمة الأردنية عمّان، المعرض الثنائي “إفروسيني” للفنانين خالد كمال طرزي وسمر كمال طرزي.
و”إفروسيني” هي إلهة الفرح أو البهجة في الميثولوجيا اليونانية، وتجسّد النعمة والجمال مع أختيها آغليا وثاليا، وقد قيل إن بنات زيوس الثلاث “الجميلات الثلاث” كنّ يمثلن الشباب والجمال والمرح والأناقة، كما ملأت هؤلاء الجميلات العالم باللحظات السارة والنية الحسنة. وعادة كنّ يرقصن في حضرة إلهة الجمال أفروديت ورفيقها إيروس في دائرة، على أنغام موسيقى أبولّو الإلهية لإسعاد الضيوف.
ومن وحي هذه الأجواء قدّم خالد وسمر طرزي تجربتيهما في الخزف والرسم، اللتين تتقاطعان معا من خلال أجواء البهجة والفرح، واعتماد الدائرة كمركز لانطلاق الشكل، والتركيز على التشكيلات التي تتّجه نحو الهندسة.
وقد تمكّن الفنان المعماري والمصمّم والخزاف الأردني خالد كمال طرزي على مدار ستة وعشرين عاما في الأوساط الأكاديمية في جامعة البترا، من التأثير على الكثير من الطلاب الذين علّمهم ليصبحوا مصمّمين مبدعين، سواء كمعماريين أو كمصمّمي ديكور داخلي أو كمصمّمي غرافيك بواسطة التجريب والابتكار.
وكان تخصّص طرزي في الدكتوراه حول التكوينات الحسابية لمستوى أساسيات التصميم الذي تعامل مع إنشاء التكوينات الشكلية باستخدام حزم برامج الكمبيوتر، ولقد آثر تقديم هذه الفلسفة لطلاب التصميم بشكل تدريجي يتناسب ومستويات إبداعهم، وشجّعهم على التفكير بشكل مستقل.
والفنان الأردني ظل مفتونا على الدوام بدمج الأشكال والألوان، وينعكس ذلك على أعماله في التصميم والفن في الأواني الخزفية.
وهنا يمكن القول إن موضوعة إفروسيني تمثل لأوانيه في هذه المجموعة الرقصات المبهجة للجميلات حول الدائرة وتحديات تكوين الحركات الانسيابية، مع البقاء داخل الدائرة، وبالتالي تحدّي كل من قوى الالتواء والجاذبية.
هكذا تكوّنت الأواني النهائية التي تمثّل الراقصات بالشكل، مدعّمة بالحفر على بعض الأجزاء لكشف النقاب عن طبقات القماش المتدفّق والمتطاير.
وقد اهتم الفنان بوضع الخليط الخاص من الطلاء الزجاجي والأكاسيد، إما بدقة وإما بشكل عشوائي على أجزاء معينة، لإعطاء طبقة أو نسيج آخر من البهجة.
واختار الفنان تشكيلات لمجموعة من الأواني تمثل راقصات مبتهجات يتحرّكن حول دائرة بأجسادهنّ الانسيابية، وفي عدد من تلك الأواني الخزفية عمد طرزي إلى الحفر على بعض الأجزاء ووضع خليط الطلاء الزجاجي والأكاسيد على أجزاء معينة، بهدف منح الشكل طبقات متراكبة وأبعادا جمالية وحسية. وهو في ذلك يعتمد بشكل عام على اللون الأبيض لخلفية الشكل، مع الأزرق وتدرجاته للرسم فوق الشكل.
ويقول الفنان إنه أنتج تلك القطع عبر استخدام الدولاب الدائري، إذ تبدأ القطعة الدوران حول مركز الدائرة، ثم تأتي عملية التوسيط والرفع على شكل أسطواني (دائري ثلاثي الأبعاد)، ثم التشكيل وعمل الانبعاجات التي تمنح القطعة شكلها النهائي.
ويضيف أنه لا يفضّل وضع الطلاء أو التزجيج اللامع والأكاسيد على القطعة بكاملها، لكي يسمح لبعض أجزاء الشكل الأساسية من لون الفخار وملمسه بالظهور وتحقيق حيّزها الخاص.
أما سمر كمال طرزي فهي مهندسة تنسيق المواقع المعمارية، وفنانة غرافيك، وأستاذة ممارسة بدوام جزئي في جامعة البترا والجامعة الألمانية الأردنية في عمّان.
تمكّنت من نقل معرفتها وخبراتها في مشاريعها في الأردن والخارج، والتي تتراوح بين السكنية والمزارع والتجارية والمؤسسية على مدى السنوات الإحدى والعشرين الماضية. وبعد حصولها على درجة الماجستير من جامعة مانشستر متروبوليتان في المملكة المتحدة، حافظت على رؤية شاملة في التصميم قائمة على دمج العلم والفن والروحانية.
وكرائدة ومؤثرة في مهنتها، كتبت العديد من المقالات حول هندسة تنسيق المواقع المعمارية ودور المرأة في هذا المجال. وقد تعمّقت الرسامة في تجربة “الفن كعلاج” لإنتاج اثنين من سلسلتها لكتب التلوين للأطفال “فرح ولون”.
وذهبت سمر إلى الميثولوجيا اليونانية واستلهمت إفروسيني، لتمثّل في لوحاتها في هذه المجموعة من الرقصات البهيجة للجميلات بدءا من الدائرة التي تنمو إلى خطوط هندسية إلى التكوينات المرحة بالأبيض والأسود، أو إلى تحوّلات شكلية ولونية متدفقة باستخدام الألوان المائية أو الأكريليك على وسائط مختلفة. كما أن اللوحات الناتجة تكوّنت لتمثّل الرقص في الحياة، كذلك شكّلت لديها مصدر فرح وجمال وسلام.
وحافظت طرزي في لوحاتها على رؤية شاملة في التصميم تقوم على تقنية إبراز الخطوط الهندسية في الشكل، مجسّدة في لوحاتها الراقصات البهيجات وهنّ يشكّلن الدائرة التي تتنامى مع الخطوط الهندسية المنتشرة على السطح.
كما أبرزت الفنانة الأشكال الهندسية التي تتقارب مع الزخرفة الإسلامية في بعض وجوهها، واعتمدت ألوانا مبهجة، منها ألوان مائية ومنها ألوان أكريليك وباستيل. كما تركت لحدود الشكل حرية التدفّق من المركز باتجاه الأطراف، في رؤية تنظر إلى الجمال والفرح على أنهما يمكن أن ينتقلا بالتأثير. وفي عدد من اللوحات يشعر المشاهد بحالة من السكون الروحاني والطاقة الإيجابية التي تمنحها الألوان لعينيه وتعكسها في داخله.
وتقول سمر كمال طرزي إنها أرادت أن تنشر من خلال أعمالها بهجة بات العالم يفتقدها اليوم، وتضيف أنها تعتمد الألوان القادرة على منح المتلقي الشعور بالراحة، مؤكّدة أن زوار المعرض لا تفارقهم الابتسامة وهم يتجوّلون بين الأعمال المعروضة، وهذا في حدّ ذاته يمثّل رسالتها وما تأمل إيصاله إلى الناس.
العرب