أسرار الخدمة المدنية في مصر
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

وثقت إدارة البنك، الذي كنت أعمل به في الستينيات، بقدراتي وسلمتني مفتاح باب إحدى خزائن البنك الرئيسية.

وفي يوم طلب مني زميلي الهندي أن أقوم بغلق باب الخزانة، نيابة عنه، لاضطراره للذهاب إلى المستشفى.

قمت، بعد انتهاء الدوام، بغلق الباب الداخلي للخزنة، ولكني استعجلت في إدارة الدولاب، قبل أن يقفل تماماً، فاستحال قفله!

خوفاً من افتضاح أمري، بسبب صغر سني وجهلي، اتصلت بوالدتي وطلبت منها أن ترسل لي بطانيتين، أو كنبلين، ومخدة، بعد أن قررت النوم أمام باب الخزانة لحراسته، لعدم معرفتي بما عليّ القيام به، كما لم أكن أعرف عنوان أو هاتف بيت زميلي!

أخبرته في صباح اليوم التالي بما حدث فانفجر ضاحكاً من سذاجتي، وقال إن البنك يحتفظ بالرقم السري للباب والمفتاح البديل لدى أحد البنوك، وكان من السهل طلبه وإعادة إغلاق باب الخزنة بدلاً من تعريض النفس والبنك للخطر.

***

يحتاج كل جهاز أو نظام كمبيوتر أو هاتف نقال أو أي نظام رقابي أو محاسبي للدعم Back up، بحيث يمكن اللجوء له في حال تعرض أنظمة الجهة المعنية للقرصنة أو التخريب. ويمكن أن يكون نظام الدعم داخل المؤسسة أو خارجها، أو في دولة أخرى، والذي يطلق عليه مجازاً في بعض الأنظمة بالسحاب Icloud، الذي قد يكون محلياً. وهذا يتطلب وجود سيرفرات أو خوادم عملاقة يمكنها الاحتفاظ بكم هائل من المعلومات واستعادتها، متى تطلب الأمر ذلك، وتكون هذه الجهات محلية أو عالمية ومصدر ثقة، كالتي تطبع نقود الدولة مثلاً.

عملية النسخ الاحتياطية للمعلومات على الكمبيوترات هي نسخ لجميع الملفات والبيانات، بحيث تكون الأصلية على جهازك، والأخرى خارجه، باتباع طريقة دعم أو أكثر.

وبالتالي تختار كل جهة الطريقة المناسبة لـ«الحفظ الاحتياطي» لمعلوماتها. ومن هنا تأسست كيانات عالمية في أوروبا وأميركا تقوم بحفظ المعلومات نيابة عن زبائنها مقابل رسوم معقولة بدلاً من صرف أموال طائلة على شراء خوادم خاصة بها. ولكل طريقة مزاياها وعيوبها وعواقبها الأمنية.

***

انتشر مقطع من مقابلة تلفزيونية للأكاديمية صفاء زمان، رئيسة الجمعية الكويتية للمعلومات، ذكرت فيه أن كل المعلومات المتعلقة ببيانات ديوان الخدمة المدنية موجودة على سيرفرات في مصر، وانها مخترقة، وأن في ذلك خطورة على أمن الدولة.

نفى الناطق باسم الحكومة هذا الكلام، كما نفاه ديوان الخدمة المدنية، وأكد أن لديهم «سيرفرات» ضخمة كلفت الدولة الكثير ويصعب اختراقها، وحتى الدخول عليها يتطلب شيفرة من خلال جهاز آخر مشفر. كما أن نظام الدعم Back up لدى الديوان داخلي وخارجي، ولكن ليس في مصر حتماً.

عادت صفاء زمان مؤخراً لسابق تحذيرها، ولثقة ديوان الخدمة بعدم صحة ما ادعته قامت بإبلاغ النيابة بأمرها، فتم إحالتها، وهي الأكاديمية المعروفة ورئيسة «جمعية أمن المعلومات»، للتحقيق بتهمة إسقاط هيبة الدولة والتأثير في العلاقات مع مصر، وأخلي سبيلها مقابل مبلغ 1000 دينار، وهذا له دلالته. ونقل عنها تالياً أنها أدلت بتصريحاتها من واقع تخصصها، وحرصاً على مصلحة وطنها، ولم تقصد التأثير في أمنه أو الإساءة لدولة شقيقة.

نتوقف عن الاستفاضة هنا بعد أن أصبحت القضية بيد القضاء!

***

ملاحظة: تدخل النائب حمد المطر للدفاع عن الأستاذة زمان، ووعد بالكشف عما لديه من مستندات تثبت صحة ما ذكرته، ولكن مرت الأيام ولم نر أو نسمع شيئاً من وعود النائب المطر!

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى