في أول زيارة منذ أعوام… أولوية اقتصادية بمحادثات بين بن زايد وإردوغان
النشرة الدولية –
بدأ ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، أمس، زيارة الى تركيا؛ في أول زيارة من نوعها منذ أعوام، وتأتي في إطار سعي البلدين إلى تحسين العلاقات وفي أعقاب فترة من التنافس الإقليمي الشديد، كما تأتي بعد يوم من هبوط الليرة التركية نحو 15 في المئة مقابل الدولار.
وكان في استقبال بن زايد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار أنقرة، قبل توجههما إلى القصر الرئاسي لإجراء محادثات.
وقال مسؤول تركي، أمس، إن تركيا والإمارات ستبرمان اتفاقات في مجالات الطاقة واستثمارات التكنولوجيا والموانئ البحرية واللوجيستيات.
وذكر المسؤول التركي أنه سيجري توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي ومكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية وشركات تركية أخرى.
وقال مسؤولان تركيان إن تركيا والإمارات تستهدفان التوصل إلى صفقات استثمارية خلال الزيارة.
وتتنافس تركيا والإمارات على النفوذ الإقليمي منذ انتفاضات الربيع العربي قبل 10 سنوات. وساند كل منهما طرفا مختلفا في الحرب الأهلية الليبية، وامتدت خلافاتهما إلى شرق البحر المتوسط ومنطقة الخليج، قبل أن تبدأ أنقرة حملة لتجميل صورتها في المنطقة العام الماضي.
ومع الهدوء على صعيد الخلافات السياسية، رغم أنها لا تزال مترسخة، ركز الجانبان على العلاقات الاقتصادية والتهدئة.
وقال مسؤول رفيع بالحكومة التركية، مشترطا عدم نشر اسمه «من المنتظر أن يتم التوقيع على بعض الصفقات التي لا يزال يجري إعدادها فيما يتعلق بالاقتصاد والتكنولوجيا والقضايا البيئية والأمن السيبراني والقطاع اللوجيستي».
ومن المتوقع أن تقوم الإمارات باستثمارات كبيرة بتركيا في الأجل القريب مثل السعي إلى شراكات في أصول مدرجة بصندوق الثروة التركي، وهو شركة الاستثمار السيادية في البلاد.
وردا على سؤال عما إذا كانت الإمارات ستقدم مساعدات اقتصادية لتركيا لم يذكر وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله المري تفاصيل، وقال للصحافيين إن ما سيتم التوصل إليه سيعلن.
وقال مسؤول تركي مطّلع على الاستعدادات لزيارة بن زايد إن من الممكن الاتفاق على صفقات في مجالات التجارة الإلكترونية والطاقة وسلاسل الإمداد.
وأضاف المسؤول أن التعاون الاقتصادي في الأجل الأطول ربما يتحقق في التمويل، ومن خلال شراء شركات إماراتية شركات تركية مناظرة لها أو إنشاء شراكات معها. وتنبأ المسؤول بأن الاستثمارات الإماراتية ستبلغ مليارات الدولارات في نهاية الأمر.
وستقيّم الدولتان سبل التعاون في السياسة الخارجية. وقال المسؤول «المشاكل مع الإمارات أصبحت الآن وراء ظهرنا. ونحن ندخل فترة قائمة بالكامل على التعاون والاستفادة المتبادلة».
وكانت تركيا قالت في سبتمبر إنها تجري مباحثات مع الإمارات حول استثمارات في مجال الطاقة، مثل توليد الكهرباء، بينما قالت الإمارات إنها تسعى لتعميق العلاقات التجارية والاقتصادية مع أنقرة.
وقامت صناديق إماراتية للثروة السيادية باستثمارات كبيرة أيضا في شركة جيتير التركية لتسوق سلع البقالة عبر الإنترنت ومنصة ترينديول للتجارة الإلكترونية.
وقال مصدران لـ «رويترز» إن محافظ البنك المركزي التركي، شهاب قوجي أوغلو، اجتمع مع مسؤولين من الإمارات في الرئاسة التركية لإجراء محادثات أولية بشأن اتفاق مبادلة محتمل.
وامتنع البنك المركزي التركي عن التعليق على الاجتماع.
وأمس الأول، قال وزير التجارة التركي، محمد موش، إن مشاركة بلاده في معرض إكسبو 2020 دبي تعَد مؤشراً على الأهمية التي توليها أنقرة للعلاقات مع الإمارات.
وأضاف أن مشاركة تركيا في المعرض ستساهم في تعزيز العلاقات مع دولة الإمارات، معرباً عن أمله في أن يلعب المعرض دوراً فعالاً عبر قيمه وأفكاره في إنشاء عالم أكثر ملاءمة للعيش والاستدامة.
من جهته، قال وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله المري، إن العلاقات الاقتصادية مع تركيا “تشهد تطوراً مستمراً”.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال في سبتمبر الماضي، إن “أجواء إيجابية تخيم على العلاقات التركية – الإماراتية في الآونة الأخيرة”.
وفي 31 أغسطس الماضي، بحث الرئيس التركي مع ولي عهد أبوظبي في اتصال هاتفي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.
إعلامياً، سلّطت وسائل الإعلام التركية الرسمية والخاصة، الضوء على الزيارة، وفردت لها مساحات واسعة على مواقعها الإلكترونية.
وذكرت صحيفة “جمهورييت” أن “الاقتصاد سيكون الموضوع الأبرز في محادثات بن زايد وإردوغان”.
من ناحيتها، كتبت صحيفة “صباح” الحكومية، أنها “مرحلة جديدة بين البلدين تؤخذ فيها مصالح الطرفين بعين الاعتبار، في إطار علاقات الربح المتبادل”.
وخلال الأيام الماضية أشاد عدد من المسؤولين الأتراك بعودة العلاقات مع الإمارات.
وفي هذا الصدد، ثمّن عمر تشليك، الناطق باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، بالحوار بين أنقرة وأبوظبي، مؤكدًا أنه يأتي “لحل القضايا الشائكة”.
وأضاف أن “الحوار مع دولة الإمارات مبهج، والاستشارات مستمرة بشكل قوي لحل القضايا الشائكة”.
بدوره، شدد وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، على أهمية عودة العلاقات بين بلاده ودول الخليج العربي، واصفا إياها بأنها “أمر مهم”.
في المقابل، أشاد الأكاديمي الإماراتي المقرب من دوائر القرار في الإمارات، عبدالخالق عبدالله، بما اسماه “المرونة الدبلوماسية الإماراتية في التعامل مع المستجدات، وتوظيفها لخدمة المصالح الوطنية. فلا صوت يعلو على صوت المصلحة الوطنية والاقتصاد والاستثمار”.
وفي إطار التطورات الإيجابية في العلاقات بين البلدين، كان الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الإماراتي، التقى قبل أيام وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في روما.