ماذا يفعل أحمد العودة في موسكو بعد غيابه عن واجهة الأحداث في محافظة درعا؟

النشرة الدولية –

الحرة –

بعد غيابه عن واجهة الأحداث في محافظة درعا، في الجنوب السوري، أطل القيادي السابق في المعارضة، أحمد العودة، من العاصمة الروسية موسكو، في صور نشرها ناشطون سوريون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتأكد موقع “الحرة” من صحتها.

ويقود العودة “اللواء الثامن”، أحد التشكيلات البارزة في “الفيلق الخامس”، والذي يعود الإعلان عنه إلى شهر نوفمبر عام 2016، حين تم الترويج له كمشروع روسي بامتياز، من أجل “القضاء على الإرهاب” في سوريا.

وأثارت صور له في موسكو، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليل الخميس- الجمعة، جدلا بين أوساط السوريين المعارضين للنظام السوري، حيث تساءلوا عن أسباب هذه الزيارة والأهداف التي تقف وراءها.

ولم يصدر أي تعليق من جانب “العودة” بشأن وصوله إلى موسكو، وتواصل موقع “الحرة” مع أحد المقربين منه، فأكد صحة الزيارة، لكنه امتنع عن إدلاء بأي تفاصيل أخرى.

يأتي ذلك بعد مرور شهرين على عمليات “التسوية” التي أعلنها النظام السوري في الجنوب برعاية وتنسيق روسيين.

وأفضت هذه العمليات إلى إعادة السلطة الأمنية والعسكرية لقوات النظام في عموم محافظة درعا، بدءا من أحياء درعا البلد، وصولا إلى قرى وبلدات الريفين الشرقي والغربي.

“عشرة أيام”

في غضون ذلك يقول الناشط الإعلامي، محمد الشرع في تصريحات لموقع “الحرة”: “حتى الآن لا يوجد أي تأكيدات بشأن أسباب وصول أحمد العودة إلى العاصمة الروسية موسكو”.

ويضيف الشرع: “المعلومات المتوفرة حتى الآن أنه كان في زيارة لعشرة أيام. حاليا هو في الأردن، وانتشار الصور تم بعد عودته من موسكو”.

وبصورة عامة يتابع الناشط الإعلامي أن دور قائد “اللواء الثامن” خلال الفترة الأخيرة بات “شبه هامشي”، وقال: “إذا كانت الزيارة لتحضير شيء فهو غالبا لدور خارج محافظة درعا. يمكن في السويداء”.

في المقابل، يؤكد المحلل السياسي المقرب من وزارة الخارجية الروسية، رامي الشاعر الزيارة المذكورة، لكنه يقول إن وصول العودة إلى موسكو جاء بسبب “إجراءات طبية”.

ويضيف الشاعر لموقع “الحرة”: “أنا شخصيا أقنعته بضرورة أن يتطلع الأطباء في موسكو على وضع ساقه بعد العلاج الذي تلقاه في الأردن”.

ويشير: “خاصة أن روسيا متقدمة بمجال الأعصاب والأوردة. كان وجوده مرتبطا بذلك فقط وليس له أي علاقة بوجود الأكراد. لم يجر أي لقاء معهم لا عن قريب ولا عن بعيد”.

وكانت موسكو قد شهدت، منذ الأحد الماضي، زيارة لوفد من “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، برئاسة الرئيسة المشتركة إلهام أحمد، التي التقت بدورها بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام روسية.

وأصدرت الخارجية الروسية عقب اللقاء بيانا، قالت فيه إنه “جرى بحث الوضع في سوريا مع التركيز على الوضع في شمال شرقي البلاد”.

وأضاف البيان: “نعير اهتماما خاصا لمهمة تفعيل التسوية السياسية في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وإعادة تأهيل اقتصادها ومجالها الاجتماعي وعودة اللاجئين والنازحين وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها”.

من هو “العودة”؟

يختلف أحمد العودة عن القياديين العسكريين الذين ظهروا على الواجهة قبل 10 سنوات، كونه لا يملك أي خلفية عسكرية.

وبينما شارك في البدايات الأولى للعمل المسلح ضد النظام السوري، انقلب رأسا على عقب بعد عام 2018 ليصبح “رجل روسيا في الجنوب السوري”، أو وكيلها، بحسب وصف مصادر غربية.

وبعد “اتفاق التسوية” عام 2018 كان العودة القيادي الأبرز الذي رفض مع مقاتليه الخروج إلى الشمال السوري. وبآلية لم تعرف أهدافها حتى الآن شكّل ما يسمى بـ”اللواء الثامن”، وانضم لتشكيل “الفيلق الخامس”، الذي يتلقى دعما عسكريا ولوجستيا من روسيا.

وفي ظل ما شهده الجنوب السوري مؤخرا، وما يعيشه في الوقت الحالي، تتجه الأنظار إليه حيث يقيم في مدينة بصرى الشام بالريف الشرقي لدرعا.

وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة لم يسجل للعودة تدخله في مواجهات كبيرة ضد قوات النظام السوري، وفي المقابل لم يشارك إلى جانب المناطق “الثائرة”، رغم الدعوات التي وجهت له، وآخرها من أهالي درعا البلد.

وكان لافتا قيامه بدور “الوساطة” في مناطق عدة، أبرزها في مدينة الصنمين، التي شهدت توترا عسكريا، مطلع العام الماضي، انتهى باتفاق “تسوية” جديد بين النظام السوري ومسلحين معارضين.

لكن، ومنذ مطلع العام الحالي تبدلت الظروف قليلا، وبات القيادي يتعرض لضغوط من الطرف الداعم له (موسكو)، بسبب رفضه قتال تنظيم داعش في البادية السورية، الأمر الذي كان كفيلا بقطع الرواتب الشهرية عن مقاتليه.

“اندماج وإعادة هيكلة”

في ما يتعلق بـ”الفيلق الخامس” (ينضوي العودة ضمنه) فقد أقدمت روسيا، منذ سنوات، على ضم عدة تشكيلات عسكرية إليه، من بينها تلك التي كانت سابقا ضمن صفوف “الجيش الحر”، ووقعت مؤخرا على ما يسمى بـ”اتفاقيات التسوية”.

وعملت روسيا على تدريب قوى عسكرية عرفت بـ”قوات النمر” التي يترأسها العميد سهيل الحسن، وفي أغسطس 2019 تم تعديل اسمها ليصبح “الفرقة 25 مهام خاصة – مكافحة الإرهاب”.

وفي حديث سابق مع موقع “الحرة” رجّح الكاتب والباحث في الشؤون الروسية، بسام البني أن يتم “إدماج قوات أحمد العودة في الجيش السوري، مع نضوج الحل السياسي، من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن 2254”.

وقال البني: “روسيا لديها رؤيا استراتيجية عميقة وبعيدة الأهداف لمستقبل سوريا الدولة الموحدة المترابطة. ستستطيع تحقيق كل ما سبق؟ يبقى السؤال مفتوحا برسم الزمن”.

أما في ما يتعلق “بأي فصيل مسلح خارج عن سيطرة الدولة السورية”، تابع البني: “هو أمر مرفوض أو على الأقل ضرورة مرحلية ستزول. روسيا لا يمكنها أن تتعامل مع فصائل مسلحة أيا كان انتماؤها”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى