يافا.. احترف جلدك فجف دمعي
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

هي يافا، روعة الكلمة وبهاء المشهد وجمال الروح وعبق التاريخ، هي يافا سيدة البحر وأورع عروس على شواطئه الجامعة لدول عديدة، هي يافا التي هفت إليها القلوب فنحن لبرتقالها وشجرها وأرضها وبيوتها، هي ذاتها يافا تلك الفتاة البهية الجملية الرقيقة التي أسقطتها صواريخ الغدر الصهيوني، ولم ترحم طفولتها ولا تسارع دقات قلبها، ولم تمنحها الفرصة حتى لتجد ألعابها، هي ذات يافا التي عانت من القهر والوجع مرتين، الأولى حين احتلها الصهاينة والثانية حين أصبحت ذكري في قلوب عربية قست كالحجارة بل أشد قسوة.

https://www.rumonline.net/image.php?token=d55c9fcd28c7646b2f03be46447e8df1&size=

يا يافا، لقد عاد صدى صوت محمود سليم الحوت وهو يناجيك ويسابق الزمن حتى يلثم ترابك، فيا يافا ماذا فعلت بنا بالأمس واليوم، بالأمس كنت واحة الجمال واليوم يا يافا اصبحت تعانين على فراش القهر والغدر، في الأمس القريب سلمك العالم لغازيك واليوم يرفض العالم أن يعترف بجريمته بمصابك، يا يافا ستبقين الألم والفراق، فالجرح يا سيدتي الكبيرة والصغيرة يؤلم من به شجن، فبالأمس كان التراب واليوم تعاني يافا سيدة التراب.

يا قبلة البحر ومرساته وبسمته يسألك الحوت قائلاً: “كيف الشقيقات؟ واشواقي لها مدنا… كأنها قطعة من جنة الخلد”، فيا يافا الإنسان والروح والقلب إن أشواقنا لك تتوالي ولا تقف على الحواجز، فأنت الطفلة التي تحلم بمستقبل هانيء تمارس فيه دور المبدعة وزارعة الأمل في أطفالها، من سرق منك طفولتك وحولك لتصاحبي سرير المشفى، هل نحن بصمتنا العاجز؟، أو العالم بإجرامه وعجرفته؟ أو الصهيوني الذي لم يجد من يردعه؟ فاستحل دمك، ليكون جرحك رداً بليغاً يا يافا على الشاعر الحوت حين تساءل: “وكيف من تبقى في مرابعها ….وقد تركناه فيها ترك ملتحد؟”، فهذا حال يافا يا شاعرنا جراح والآلام.

فهل ننقذك يا يافا بعد أن ضاعت يافا؟، فيافا اليوم تهتف وتناجي ربها لعل بيده الشفاء والدواء، ويافا الأصل تعلو صوب السماء تبحث عن مفتاح الأمل والتحرير، كلاكما يافا وكلاكما فقدتما الأمل في البشر ولم يبقى إلا خالق البشر والحجر والمدن، يافا اليوم لا تنظر للبحر فالأولى إحتجزها سرير الشفاء والثانية إحتبستها قسوة الصهيوني، وكأني بمحمود سليم الحوت يخرج من بحر غزة مؤمماً صوب بحر يافا، حاملاً يافا الصغيرة في قلبه وبين يديه مناجياً المستقبل بعد أن سقطنا في بحر الماضي والحاضر:

يافا , لقد جف دمعى فانتحبت دما

متى أراك ؟ وهل فى العمر من أمد ؟

أمسى , وأصبح , والذكرى مجددة

محموله فى طوايا النفس للأبد

Back to top button