الدكتورة سهام القبندي: المرأة الكويتيّة لا تختلف عن العربيّة وبعض القيود تحفّزها على بناء نفسها

النشرة الدولية –

النهار العربي – روزي الخوري

أستاذة التخطيط الاجتماعي في جامعة الكويت وإعلامية وناشطة اجتماعية. الدكتورة سهام القبندي لها أبحاث ودراسات وكتابات عديدة، تُعنى بالتخطيط الاجتماعي والتنمية والمشكلات الاجتماعية في مجال الأسرة والمرأة والشباب. أما الدورات التدريبية التي تنظمها فمحورها الإنسان وتطويره وتنميته وتحسين حياته، في إطار الإبداع والابتكار واستثمار المؤهلات لتحقيق النجاحات.

عن خبرتها الطويلة في هذه المجالات، تحدّثت الى “النهار العربي”.

  • إلى أي شخصية من شخصياتك تميلين أكثر، سهام الأستاذة الجامعية أم الإعلامية والناشطة الاجتماعية؟ ولماذا؟

– لسهام الأستاذة الجامعية فضل كبير على شخصيتي، فمنها كانت انطلاقتي نحو الإعلام والعمل الاجتماعي والحياة العامة. لا شك في أن الانطلاق بالحياة العامة يأتي بعد تكوين شخصيتنا المهنية. فأن تكون أستاذاً جامعياً، يعني أنك مررت بمجموعة من المراحل كالدراسة وتلقي العلم والسفر والخبرات الطويلة والإنجازات. والاحتكاك بالطلاب له وقعه وأهميته من حيث تأثير الأستاذ في تكوين توجهاتهم وتنشئتهم وبلورة شخصياتهم، وهو ما يعطي المدرّس  مسؤولية أكبر. من هنا صقلت شخصيتي ودخلت الإعلام وكنت أدير الحوارات حول المرأة وكفاءاتها. وكوني ناشطة اجتماعية جعلني في علاقة تفاعلية تبادلية تعطي المجتمع. خلال رحلة إعدادي للماجستير والدكتوراه، اضطررت للسفر الى الخارج، ما سمح لي بأن أختلط مع أشخاص وعادات وطقوس وعمالقة في العلم، وهذا ما أثّر في شخصيتي وتطلعي ورؤيتي. لا يمكن أن يبلغ الإنسان القمّة والنجاح ما لم يكتسب الخبرات عبر العمل الجاد والبحث والتجارب، وفي الدرجة الأولى العمل على شخصيته واكتساب المبادئ.

 

  • أي إضافة حقّقتها سهام القبندي للمجتمع الكويتي؟

– المجتمع الكويتي هو من أضاف إلي من خلال منحي القوّة والأمان والمساندة. علاقة الفرد بالمجتمع تساندية تفاعلية، منه يبدأ واليه يستند ليأخذ كلّ حاجاته ويكوّن شخصيته. وأنا دائماً أقول وأكرّر من الكويت نبدأ وإليها ننتهي. عندما تكتمل شخصيتنا تصبح أدوارنا ووظائفنا والتزاماتنا ومكانتنا في هذا المجتمع غير نابعة من الفراغ، بل من خلال التأثر والتأثير في المجتمع.  عملنا أساسي في بناء هذا المجتمع، وهو دور رئيسي لكلّ إنسان في أي مكان، فلكل واحد دور وظيفي يترك من خلاله بصمته في مجتمعه. الوضوح مع النفس وتحديد دور الفرد هما الطريق لإعطاء عملنا الاجتماعي بصمة واضحة.

 

بعد التخرج والعمل، استغللت كلّ فرصة أتيحت لي لتمثيل نفسي ومجتمعي من خلال إخلاصي لعملي والتزامي، وهذه من صفاتي المميزة. وخلال مسيرتي عملت مديرة لمكتب الاستشارات والتدريب في كليّة العلوم الاجتماعية طوال 14 سنة، وكانت فترة مميّزة من حياتي، وقد عملت على تدريب قطاعات مختلفة لوزارات عديدة من أجل تطوير الموظفين. ومن الأمور التي ساهمت فيها وأحببتها، انتدابي الى محكمة الأسرة في وزارة العدل وتقديم الاستشارات للمتزوجين وحل المشكلات الأسرية وتوجيههم نحو زواج آمن وطلاق آمن.

ومن المسائل اللافتة خلال جائحة كورونا، وتحديداً فترة الحظر، أن الصراعات الأسرية زادت، فعملنا على تقديم الاستشارات من خلال الهاتف، وحاولنا تخفيف المشكلات طوال تلك الفترة.

 

ومن خلال عملي مع الجمعيات الأهلية باعتباري عضواً في معهد المرأة للتنمية والسلام، كانت لي مساهمات في رفع مستوى المعرفة وتطوير المرأة ونشر السلام في المجتمع، وكل هذا يلامس جزءاً من شخصيتي. وبصفتي عضواً في الجمعية الكويتية للخدمة الاجتماعية، وهذا اختصاصي الرئيسي، وكذلك في الجمعية الكويتية للمسنين، نقلت التجربة الكويتية في أحد أبحاثي حول الرعاية المتنقلة للمسنين، وثمرة هذا العمل أن المسنّ الكويتي يعيش معززاً ومكرماً داخل منزله ويصله ما يحتاج إليه من خلال فريق متخصص. كنت كاتبة عمود في جريدة “أوان” الكويتية، وقدمت برنامجاً حوارياً في التلفزيون الكويتي، وعملت على تأليف كتابين، الأول عن أزمة الخليج في التسعينات وتأثيرها في اتجاهات الشباب، والثاني عن السياسة الاجتماعية والتخطيط، وأدرّسه  في جامعة الكويت.

 

ترأست الوفد الكويتي المشارك في مسابقة المناظرات الجامعية لدول الخليج ومقره جامعة قطر، وقد رافقنا الشبان والشبات للمشاركة في الملتقيات الخليجية، وأضفى الحدث نوعاً من الحماسة والدعم لدخول المسابقة والتنافس الشريف.

 

 

  • عرضت أخيراً في مهرجان المرأة العربية للإبداع والتميّز ورقة عمل حول استراتيجية تمكين المرأة الكويتية وانخراطها في العمل السياسي والاجتماعي، ما الذي حققته هذه الورقة حتى اليوم؟

 

– موضوع الورقة كان زيادة تمكين المرأة قانونياً واقتصادياً ومهنياً، بحيث تكون قادرة على الاعتماد على نفسها. بداية يجب وضع استراتيجية للتمكين، فهو يبدأ في وقت محدد، أي في المراحل الأولى وليس بعد أن نحصد المشكلة في سن متأخرة. فالتمكين هو رؤية لكيفية تمكين المجتمع والأطفال والجيل الجديد. ولتكون الكويت جديدة يجب أن يكون الإنسان ذا فكر وتطلع جديد، وبالتالي عندما نبدأ باستراتيجية التنشئة السياسية للمرأة والطفل والرجل، نبدأ منذ اللحظات الأولى للتربية الأسرية من خلال المناهج الدراسية. أعمل على تكوين أفكار الطفل وأنمّي لديه حسّ المشاركة مع رفاقه في الصف وتوطيد علاقاته مع رفاقه. عملية التنشئة تتم من خلال إكساب الأطفال في سن المراهقة سلوكيات ومعارف سياسية، وتكوين ثقافة سياسية وتوجيه هؤلاء. هنا يمكن القول إنني علّمت المجتمع أن يكونوا رقماً مهماً، وإذا ما حصلت انتخابات فالمرشحون يبحثون عن هؤلاء المثقفين ليكون لهم تمثيل في المجلس النيابي. هناك الكثير من البرامج لدعم المرأة الكويتية، والكويت كدولة تهتم بالمرأة، بدليل أنها أسست مجلساً أعلى للمرأة والأسرة، دوره إيجاد الحلول لأي مشكلة تستجد في حياة المرأة الكويتية.

 

 

  • هل المرأة الكويتية حاصلة على حقوقها كاملة؟ وما الذي ينقصها بعد؟

– المرأة الكويتية لا تختلف عن المرأة العربية، سواء كانت في لبنان أم في مصر أم في الخليج، فنحن نسيج واحد، والمنظار العربي كما الصراعات التي تعيشها المرأة في العالم العربي واحدة، كما أنّ التربية العربية واحدة. المرأة العربية لا تزال تعمل جاهدة وتبحث عن حقوقها، وقد حصلت على الكثير منها، كحرية التنقل والسفر الى الخارج لإكمال دراستها والمشاركة في المؤتمرات.

المرأة حققت نمواً كبيراً. وبعض القيود التي تُفرض عليها تحفّزها للتمكين ولبناء نفسها. هذا التحدي يجعلها تستفز قدراتها. ومن هنا نرى النساء يحصلن على درجات التفوّق والإبداع أكثر من ذي قبل.

أتمنى أن نخرج من إطار السؤال عن تمكين المرأة ونعمل على تمكين الإنسان. فالمجتمعات في حاجة الى المرأة والرجل معاً. كلّ الفئات العمرية، والمرأة كما الرجل، في حاجة الى الخضوع لدورات لتمكين المهارات. لا حد للتمكين، وهو ليس لفئة معيّنة بل للجميع.  ويجب إعطاء كلّ إنسان الفرصة لزيادة إمكاناته ومهاراته، وليعيد اكتشاف نفسه مجدداً حتى يضيف الى مجتمعه.

 

 

  • لا شك في أن التنمية من أولوياتك لكونك إعلامية، كيف تحاولين ترتيب أولوياتك الإعلامية مع أولويات القضايا التنموية؟

 

– كلّ مجتمع عليه العمل للقضاء على المشكلات الرئيسية القائمة لديه. لا يمكنني القول إنني أنتمي الى عالم عربي متحضر، إذ لا يزال فيه الكثير من الفقر والبطالة وعدم المساواة، فهناك تفاصيل صغيرة يمكن أن تكون مؤذية داخل المجتمع. نحن في ظل العولمة والانفتاح التكنولوجي والموحّد، فحتى الأمراض أصبحت أوبئة عالمية. جائحة كورونا أثبتت أن العالم كلّه توقف في لحظة واحدة. قضايا التمنية يجب أن نتبناها على المستوى العام في وطننا العربي الرازح تحت مشكلاته السياسية المحيطة به. فيجب أن يحصل هذا الاتحاد العربي للتكامل في القضاء على مشكلاتنا التي توقف مسيرة التنمية في هذا الوطن الرائع.

 

  • ما هي النقاط المشتركة بين المرأة اللبنانية والمرأة الكويتية من حيث الحقوق الاجتماعية؟

– طبيعة المجتمعين اللبناني والكويتي متشابهة. فرغم أننا نعيش في مجتمع صغير، التنوّع الثقافي واضح. ونطلّ على البحر الذي يعطي الإنسان بعداً إضافياً. فالمرأة الكويتية كما اللبنانية قويّة وقادرة على إدارة حياتها وبيتها بتميّز، ومثقفّة وذات رؤية ثاقبة. وقد أعطاها المجتمع الكويتي كما اللبناني الكثير من الفرص للوصول الى دور مؤثّر في المجتمع. المرأة العربية عموماً جبارة وقادرة ومتميّزة في العديد من المجالات.

 

  • ما هي رؤيتك لمستقبل المرأة العربية، وتحديداً الكويتية؟

– للمرأة العربية مستقبل واعد إذا عملنا على إخراجها من الصراعات في المجتمعات، بحيث لا يؤذي الصراع التنمية داخل كل مجتمع. فالتمنية قائمة على المرأة والرجل معاً، وإذا عملنا على تطوير الإنسان فسيحقّق المستحيلات.

أطمح إلى برامج تنموية مشتركة بين دولنا العربية والتدريب المستمر للإنسان لتطوير نفسه. وكلما زاد وعي المرأة أعطت قوّة بشرية بناءة للمجتمعات. ومن خلال برامج مشتركة بين مجتمعاتنا العربية التي تمتلك عقولاً جبارة من النساء والرجال، نستطيع إذا اتّحدنا إعادة بناء مجتمع متوقّد.

Back to top button