زهور تأكلها النّار للروائي السوداني الدكتور أمير تاج السر

النشرة الدولية –

المهندسة ريان نجار –

عنوان قائم على ثنائيات وايحاءات عميقة ومدلولات ضمنية تحث القارىء على مسألة الطرح والتساؤل والدهشة في ان معاً.

ورغم الحيرة في وصف مزايا الزهورالا ان الكثير من الادباء والفنانين تغنوا بها كالجواهرالنفيسة  التي ليس بالإمكان أن تُحب لشيء غير جمالها ومعناها ولغير ما تشيعه في النفس من المشاعر الخاصة كالبهجة، واللطافة، والرقة، والإقبال على الحب كما الحياة، ناهيك عن الروائح العطرة، المميزة والمختلفة.

 

اما في الجانب الآخرالنار التي قد تمثل الاحتراق، والتفحيم، والاضمحلال، والذبول،

والتشوه، والالم كما الموت وجميعهم عاقبة السنة النار .

 

الجدير بالذكر، هنا ان د. امير تاج السر اجاد حبكة العنوان بايحاءه

المتعمد على ثنائيات تترنح

ما بين الحياة والموت بين

الجمال والقبح

بين الامل والالم

بين العطر ورائحة الشواظ

بين العطاء والفقدان

بين الجمال والقبح

مشدداً على رمز الانوثة الموجود في الحياة كالزهرة الموجودة في الطبيعة الام والى الأرض التي تمثل العرض والذي لا يقاس بثمن .

 

فقسمت الرواية إلى أربعة فصول،

حمل الفصل الأول عنوان «شغف ومدينة»، حيث دارات احداث الرواية في مدينة هادئة تدعى السورالتي تحوي العديد من اليهود والاقباط والبوذيون وقلة من المسلمين وهنا ارتكز د.امير على البيئة والفضاء التي تدور فيه الأحداث

و قام بسرد حكاية البطلة خميلة وعالمها الخاص، أسرتها، قصة حبها لميخائيل ، دراستها علم الجمال فى مصروعلاقاتها الاجتماعية بالنساء من حولها…

واكمل  بوصف المدينة وبعض من التقاليد والعادات  والخرافات (صنع العطر الخاص واهدائه للمحبوب) والعلاقات الوطيدة بين مختلف مذاهب المدينة، بالاضاقة الى العادات الافريقية بين السكان

الفصل الثاني «ليل» واالثالث والرابه «النار»، «والنار أيضًا» حيث تتصاعد وتيرة الأحداث فى شكل مباشر لقادة ملثمون وزعيم مجهول، فتظهر فجأة على الجدران كتابات لجماعة “الذكرى والتاريخ” التي أعلنت الثورة على الكفار، وتندلع ثورة تحت راية الدين اوباسمه وتطالب بتسليم مدينة باكملها كان ذنبها الوحيد انها نعمت بالسكينة والهدوء ولم تستعد ابداً لمثل هذا اليوم لم تسعى جاهدًا للحفاظ على هذا الهدوء والسلام ولم تعمل ابداًعلى حمايته تمامًا كمشهداً مألوفا جدا ومأخوذا من عشرات المدن الحقيقية (العربية وغير العربية) التي عاشت المحنة بالتفاصيل ذاتها بثورات زائفة وثوار مزيفون.

من هدوء وسكينة وأمن وامان الى استباحة القتل والذبح والسبي وتدميروخراب وغوغاء وامراض وروائح الموت

فتُطعن العجوز الفرنسية جيلال على يد ملثم مجهول، وأتاب عيسى يعثرون عليه مذبوحاً، وتغتصب الرسامة كاترين وتنتهك  الأجساد بصرخة “كافرة” .

فمن المحتم ان هذه الرواية تصوروترصد مآسي الثورات الجهادية باسم الدين التي تبث الارهاب والموت في كل مكان حلت به. فترتب مآسي الرجال الاطفال والنساء خصوصاً كما رصدهم في روايته بدءاً من البطلة خميلة عازر واصدقائها:

“ماريكار”

“امبيكا”

“حسناء”

“طائعة”

 

هؤلاء الزهور اللواتي ينتظرن ان يزفوا كحطب الثورة،

سباياعالقات للمتقي(الزعيم) وزبانيته الذين لم يكونوا قط اهل تقوى.

هؤلاء الزهورطعم جذاب لاستباحة الرونق والعطرالاخاذ

هؤلاء الزهورمحط انظار القطف والتدنيس

هؤلاء الزهورتتربعن في النار؛

نارالاغتصاب والسبي،

يتبادلن الوجع على اجساد أصبحت كالجثث الهامدة ينتظرن الموت كسبيل للخلاص و يتبادلن الخسارات مجبرون على الحياة لان لاخيار اخر لهما.

ستروي كيف آلَ بها الأمر إلى سرداب في “ساحة المجد” التي صار اسمُها “بئر الشيطان” وكيف ستُسبى مع نساء أخريات لتغرق في االم لا يلتئم مع نساء جهاديات سيعلّمنها “التّقوى” في بيت الغنائم، وسيخضعنها للدّين الجديد، ويهيئنها بِبُطء لتكون عروسا لأمير من أمراء الثورة .

وهنا يراودها الأمل  بالخلاص بالتحريرها من الأسر والخروج إلى خارج مدينة السّور، الامل ب”لولو” العبد “الغازي” وهو أحد المخصيين القائمين على حراسة بيوت المتعة  في الرواية الذي يترنح بين حلم وواقع ويذكرنا بخيبة فلسطين بالعرب فكيف بمقدور مخصي خاضع لإرادة مهووسين تحريرها.

فحين تناديها المرأة المسؤولة عن إدارة بيوت المتعة باسمها الجديد في خاتمة الرواية «من لولو يا نعناعة؟»  يؤكد المؤلف أن الامر مجرد حلم.

 

فالحرية للاقوياء ولا تصنع الا بشجاعة وبسالة الخلاص من هذه الكوابيس.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى