مَن يُحضِّر شعبه للحرب.. بوتين أم بايدن؟
بقلم: محمد خرّوب

النشرة الدولية –

مع ارتفاع حدة التوتر والتصعيد المُبرمَج على جبهة أوكرانيا/الدونباس. والحشد العسكري الضخم وغير المسبوق لحلف الناتو, المتزامن مع عبور متسارع للبوارج والمدمرات وسفن القيادة الأميركية والبريطانية للبحر الأسود, المترافقة مع مناورات بحرية وجوية وإنزال للمظليين, لدول أطلسية وأخرى من خارجه مثل استراليا واليابان وإسرائيل, ترتفع المخاوف من احتمال الإنزلاق الى حرب بـ”الخطأ». او الاستفزاز المقصود الذي يأخذ صفة «الاختبار”على النحو الذي تقصّدته المدمرة البريطانية”Devender» قبل خمسة أشهر.

الحملات الإعلامية الغربية وسيل التصريحات التي يُطلقها جنرالات أميركيون وبريطانيون (بعضهم ما يزال في الخدمة), تذهب بعيداً في الزعم بأن الرئيس الروسي بوتين «يُحضِّر» شعبه لحرب واسعة «قد» تتدحرج الى حرب «نووية». مُصوّبين تحديدا نحو حشود عسكرية روسية ضخمة مزعومة على حدود أوكرانيا الشرقية والجنوبية والشمالية. في وقت تنفي فيه موسكو إدعاءات كهذه, قائلة: إن قواتها حرّة في التحرك على أراضيها..كيف ومتى أرادت.

وإذ عاد الحديث (الروسيّ حتى الآن) عن احتمال عقد قِمة «إفتراضية» بين الرئيس الروسي ونظيره الأميركي قبل نهاية العام الجاري, يُقابله صمت أميركي أقرب الى النفي, فإن تصريحات/توقعات غربية باتت ترى في خيار اللجوء الأميركي الى ضربة نووية «استباقية» لروسيا..أمراً وارداً أكثر من أي وقت مضى. ليس في ما كان أعلنه وزير الدفاع الروسي شويغو: أن القاذفات الاستراتيجية الأميركية «تدرّبت» في المناورات التي أجرتها في البحر الأسود أخيرا, على توجيه ضربة نووية «مزدوجة» لروسيا, على نحو لا يسمح لموسكو بـ”رد» الضربة, كما هي استراتيج?ات الدفاع النووي لدى الدول التي تتوافر على سلاح نووي. بل ثمة بين حلفاء واشنطن داخل حلف الناتو وخارجه مثل استراليا واليابان, مَن مارس ضغوطاً على إدارة بايدن كي تحتفظ لنفسها بـ”خيار» الضربة الأولى. كان مسؤولون أميركيون ألمحوا إلى احتمال التوجّه لسلوك كهذا, (أي عدم المبادرة إلى ضربة نووية إستباقية).

الحديث المُتجدد عن قمة مُتوقعة بين بوتين/بايدن, لا يُلغي ولا يُتوقّع منه الطمس على حقيقة وصول العلاقات بين موسكو وواشنطن أدنى بل أسوأ مراحلها منذ انتهاء الحرب الباردة. كذلك هي حالها مع حلف الناتو, إذ تبدّى ذلك في قطع روسيا علاقاتها مع الحلف, إثر قرار الحلف طرد عشرات المندوبين الروس لديه بتهمة التجسس, إضافة بالطبع إلى التحريض المباشر والعدائية التي يُظهرها أمين عام الحلف النرويجي..سولتنبرغ تجاهها.

هي إذن عودة، بل إحياء، لـ”الروسيافوبيا» التي كرّسها الغرب منذ بزوغ نجم الزعيم الروسي بوتين في فضاء العلاقات الدولية, وبخاصة بعد خطابه الشهير أمام منتدى ميونخ للأمن عام 2007, عندما قال إن «إنهيار الإتحاد السوفياتي هو أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين». وقد وصلت «الروسيا فوبيا» ذروتها بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في العام 2016, بانطلاق عاصفة هوجاء من قادة ورموز الحزب الديمقراطي/حزب أوباما وبايدن, تتهم ترمب بأنه «عميل» لبوتين ومن صناعته, إثر تدخّل المخابرات الروسية في الإنتخابات الرئاسية, واختراقها الفضاء?ت السيبرانية الأميركية وحسابات الأميركيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

عاد ترمب أمس الإثنين إلى واجهة الأحداث, مُفسِراً على طريقته, الأسباب التي أعاقت تعاون بلاده مع روسيا خلال فترة رئاسته, بالقول:إن حملة التشويه التي استمرّت معظم فترة حكمه, منعته من التعاون مع موسكو وتحقيق نتائج «جيدة جداً» لكلا البلدين, مشيراً في مقابلة مع قناة «فوكس» الأميركية, إلى أن «كل الاتهامات التي وجّهها معارضوه ضده خلال فترة حكمه, التي تزعم التدخل الروسي في الحملة الانتخابية 2016, هذا ـ أضاف ـ استغرقَ عامين ونصف العام وجعل من الصعب جداً التعامل مع بعض البلدان وبخاصة روسيا, وكما تعلمون ـ واصَلَ ـ يمك?نا القيام ببعض الأشياء الرائعة مع روسيا جيدة جدا لبلدنا, وجيدة أيضاً لروسيا, مُختتماً القول: لكن..لا يمكننا فعل ذلك لأنهم سيقولون عنك”: أوُه.. إنه يُحِب روسيا».

في السطر الأخير…اختفى ترمب من المشهد وتمّ تأهيل الممثل الكوميدي الأوكراني اليهودي/ زيلينسكي, المدعوم من شريحة قومية مُتعصبة قامت بثورة مُلونة بغطاء أميركي مُعلن, ضد الرئيس المُنتخب يانوكوفيتش عام 2014, ليقود معسكر الداعين لقبول أوكرانيا في الناتو, وشن حرب شاملة على روسيا, يدعمهم بقوة في هذا الاتجاه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون, الذي يتولّى «حزب الحرب» في واشنطن، تسوية كل الملفات/القضايا العالقة.

زر الذهاب إلى الأعلى