مفاجأة إردوغان القادمة… تمزيق الخرائط
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

موجز النشرة الإخبارية: ماذا يحضّر إردوغان للعالم سنة 2023؟ وفي المضمون، ستولد تركيا من جديد، ففي مثل هذا اليوم أي 24 يوليو القادم تكون قد انتهت صلاحية اتفاقية لوزان الموقعة عام 1923، وعندها ستتخلص بلاده من قيود تلك المعاهدة.

عام 2016 كان إردوغان أول زعيم تركي ينتقد علانية “معاهدة لوزان” التي تم بموجبها ترسيم الحدود البحرية بينها وبين اليونان والمنطقة المحيطة بها، فمعاهدة لوزان سلبت حق تركيا في السيطرة على مضيق البوسفور، ووضعته تحت إدارة دولية منذ هزيمتها في الحرب العالمية الأولى “وتصفية الإمبراطورية العثمانية”، واعتبار هذا المضيق ممراً دولياً لا يحق لتركيا تحصيل أي رسوم من السفن التي تعبره يومياً.

بعبارة أوضح لا تزال هذه الدولة مقيدة بها حتى تنتهي فترة الـ100 سنة. صحيح أن “اتفاقية مونترو” الموقعة عام 1936 أعطت لتركيا نوعاً من السيطرة على “البوسفور” لكنها لا تملك القرار بإجراء أي تفتيش أو فرض رسوم على السفن، فقط يتم إبلاغها قبل الدخول وأقصى ما يمكن أن تفعله إذا شعرت بتهديد أمني أن تفرض إجراءات محدودة.

تركيا محبوسة داخل معاهدة لوزان منذ مئة سنة، فحدودها البحرية لا تتعدى الـ3 أميال فقط خصوصا في بحر إيجه ومع اليونان، فهي محاصرة في منطقة بحرية صغيرة جداً، وإردوغان توعد ووعد بدخول تركيا عام 2023 “دولة بحرية” كاملة السيادة، وترجمة هذا الكلام إعادة إحياء “العثمانية الجديدة”، أي أنه في سبيله لاسترداد المساحات البحرية التي كانت خاضعة للدولة العثمانية. وهنا نضع خطاً تحت هذه العبارة لأن المسألة لها أبعاد وأطراف دولية ليس من السهولة أن تقبل بهذا التوسع العثماني الجديد، فاليونانيون ومعهم الاتحاد الأوروبي يشككون أصلاً بالمدة الزمنية، فليس في معاهدة لوزان بندٌ سريٌّ يحدد صلاحيتها، ولا يمكن تعديلها إلا بموافقة جميع الأطراف الموقعة عليها.

بحثت في هذا الملف ووجدت أن الباحث الاقتصادي اللبناني والزميل ياسر هلال الذي أمضى نحو 40 عاماً في مجال الصحافة الاقتصادية لديه متابعة حثيثة ودراسات بحثية حول إعادة رسم الخرائط في شرق المتوسط، وكتاب اطلعت على بعض فصوله يقوم بإعداده للنشر، يشكل محاولة لاستقراء الاحتمالات في ضوء العوامل والمتغيرات المؤثرة، يطرح فيه ثلاث فرضيات لها علاقة بالموقف الأميركي من “الاندفاعة الإردوغانية” لطرح الحدود البحرية على بساط البحث.

الفرضية الأولى: تقضي باتخاذ موقف معاد لتركيا مع دعم كامل لليونان، وهو ما يعني خروجها من حلف الناتو وقيام محور تركي– روسي– إيراني بالتحالف مع الصين.

الفرضية الثانية: إبقاء الوضع كما هو عليه وتأجيل البت بالمسألة برمتها مع اعتماد سياسة مزدوجة مع تركيا، بتفعيل عمليات ترسيم الحدود مع اليونان وقبرص والمبادرة إلى إرضائها في ملفات وجودها في العراق وسورية.

الفرضية الثالثة: حل وسط يقوم على تنازل اليونان في بحر إيجه، مما يعني زيادة مساحة المياه البحرية من نحو 40 ألف كلم2 مقابل تنازل تركيا عن مسألة توحيد قبرص وحصولها على حصة أكبر في المناطق البحرية المتنازع عليها مع قبرص.

إردوغان لن يتراجع وسحب ملف توسيع المياه البحرية في المتوسط وبحر إيجه عن طاولة المفاوضات، فالسعي إلى استعادة وضع بلاده الجغرافي والتاريخي كدولة بحرية أصبح في عنق الزجاجة، لذلك يتطلب الأمر من وجهة نظر الباحث ياسر هلال إعادة رسم خرائط الحدود البحرية (مياه إقليمية، منطقة اقتصادية جرف قاري) كما يتطلب تعديل معاهدات دولية وتحديداً معاهدتي لوزان 1923 وباريس 1947 وجزئياً اتفاقية مونترو 1936 فيما يتعلق بالمضائق، وهذا أفصح عنه وبشكل واضح، نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي “سنحرق الخرائط في شرق المتوسط، والتي تحشرنا منذ 100 عام في البر، إننا نعيد كتابة التاريخ”، راقبوا تركيا جيداً فشعار “الوطن الأزرق” يطرح وبقوة من قبل العسكر ورجالات الحكم، وهم يستخدمون دبلوماسية البوارج بمهارة وهذا ما يطلق عليه الخبراء “مبدأ إردوغان”.

لقد قطعت شوطاً كبيراً في ترسيخ موقعها الجديد على الخريطة الجغرافية البحرية، فلننتظر كي نرى القادم من الأيام!

 

Back to top button