استقالة قرداحي ورقة فرنسية أم لبنانية؟!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تأخرت استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي التي طالبت بها دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والامارات، وحين جاءت كان الوقت قد فات تقريباً وأصبح المستفيدون من الإستقالة كُثر وفي نهايتهم لبنان، لتصبح الحلول بعيدة عن جميع الأطراف العربية العربية، فقرداحي لم يُغلب المصلحة اللبنانية منذ البداية وانتظر أوامر المرجعيات التي تُحركه ووجدتها فرصة للضغط على السعودية وتعبث بأعصابها، لتكون النتيجة المزيد من العقوبات الخليجية على لبنان، وهنا استعادت المرجعيات صحوتها وأن الشعب اللبناني لن يصمت على الوضع القائم على فصل لبنان عن عروبته، فجاء القرار بإستقالة قرداحي لتحمي نفسها قبل لبنان والوزير المستقيل والذي جعل من نفسه لعبة بيد الشركاء.
وحين استقال قرداحي أعلن أن الإستقالة جاءت بناءاً على رغبة فرنسية حتى تحملها كرسالة حسن نوايا لدول الخليج، وهنا تصبح الرؤيا ضبابية ومحيرة ما بين ان استقالة قرداحي ورقة فرنسية تقدمها للخليج لتُعيد ترتيب أوراقها الخاصة معها، حيث أثبتت أنها صاحبة الحل والقرار في بيروت مما يعني أنها قادرة على التأثير على وجود حزب الله والتدخلات الإيرانية في لبنان، وبالتالي امتلك الرئيس الفرنسي ماكرون مُدخلاً للخليج بعد الغضب من تصرفاته السابقة والتي حملت العداء للإسلام، وهذا أمر ما كان ليمر بسلام لتعلن دول الخليج مقاطعة البضائع الفرنسية حينها، وهو ما زاد من الصعوبات الإقتصادية في الدولة التي تعاني من أزمات إقتصادية شاملة، وبالتالي فقد يستغل ماكرون والدولة الفرنسية هذه الإستقالة لتقدم أوراق إعتمادهم من جديد في الخليج العربي،ولاستعادة تجارتها وصورتها بين الشعوب والتي يرسمها دوما الحُكام.
وقد تكون استقالة قرداحي رسالة حسن نوايا لدول الخليج وبالذات السعودية، لكنها لن تكون كافية كون الطلبات متعددة وأكبر من قدرة الدول اللبنانية، وفي مقدمتها تحجيم حزب الله وخروجه من سوريا وعدم التدخل في الشأن اليمني، وهذه تدخلات جاءت بقرار من طهران ليكون مقر الحزب في بيروت والقرار من إيران، لذا فإن استقالة قرداحي لن تفي بطلبات الخليج بل تُشعر هذه الدول بأنها قادرة على فرض كلمتها، لكن هذه الكلمة لن تكون مؤثرة على القوة المسيطرة على الشارع اللبناني، لذا فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه إلا إذا وعدت فرنسا بإنهاء قوة حزب الله والتدخل مع حلفائها لتغيير الواقع الحالي، وعندها قد تتغير المعادلة لكن الكرم الخليجي لن يعود كما كان سابقاً إلا بعد تقليم أظافر حزب الله وضمان دول الخليج بأن الدعم سيذهب للشعب اللبناني وليس للقوى السياسية العسكرية الكارهة لها.
لقد كان على قرداحي لو كان يبحث عن مصلحة لبنان أن يستقيل منذ بداية الأزمة، وعندها كان سيكسب إحترام دول الخليج وتقدير الشعب اللبناني، لكن أن تأتي استقالته بقرار خارجي فإن هذا جعله يفقد احترام دول الخليج والشعب اللبناني، والأخير شعر بأنه يأتي في نهاية أولويات كل مسؤول لبناني، كون القرارات لا تطبخ في المطبخ السياسي الخاص بالدولة بل تأتي جاهزة ومُعلبة، لينحصر دور التابعين بتنفيذها فقط، لذا فقد أخطأ قرداحي بإطاعة مرجعياته، لتكون محصلة استقالته في قياس المصالح اللبنانية الخليجية “صفر”، مما يعني ان القرار الخليجي إن جاء بعودة العلاقات فسيكون من أجل الشعب اللبناني فقط وليس من أجل عيون ومواقف القرداحي.