التوظيف العشوائي!
بقلم: الجازي طارق السنافي
النشرة الدولية –
كارثة مستمرة، تشهدها الوزارات ومؤسسات الدولة بشكل مستمر ومنذ عقود طويلة، كارثة كبدت الدولة خسائر بالملايين، وأضاعت فرصا تنموية وتطويرية كثيرة للكفاءات التي تم إقصاؤها بسبب محسوبيات وواسطات ومعارف ومنافع، حتى وجدنا انفسنا في شبكة شديدة التعقيد وفوضى التوظيف العشوائي.
نتج عن هذه الفوضى، مؤسسات فائضة بعدد الموظفين، وإنجازاتها «صفر»، والأسباب عديدة ومتنوعة منها سوء تقدير سلم الرواتب لكل مؤسسة، فمن غير المعقول أن يتخرج طالب الآداب/ العلوم ويحصل على راتب 800 د.ك في جهة حكومية، بينما يحصل زميله على 1700 في مؤسسة حكومية أخرى.
فارق كبير يؤدي الى تكدس الموظفين في جهة وخلو الأخرى من الموظفين بسبب الفروقات المالية، ولا ننسى بند المصالح المشتركة «فيد واستفيد»، إضافة لظلم شريحة كبيرة من الموظفين وبالتالي يفقدون الشغف في العمل بسبب تفضيل موظف «كسول لديه واسطة» على موظف «منتج بلا واسطة»! وهناك سبب آخر وهو عدم التزام المؤسسات الحكومية بتوفير احتياجاتها من التخصصات لكل جهة، وعدم توضيح تفصيل كل وظيفة، الناتج: تكديس موظفين بلا حاجة فعلية لخبراتهم أو لتخصصاتهم.
وهناك أسباب كثيرة نعجز عن شرحها في مقالة واحدة.
العشوائية في التوظيف خلقت لنا سلوكا غير محبب، وهو موظف فقد الشغف في العطاء، موظف مجبور على مكان عمل ما، موظف غير منتج، موظف يبصم دخول وخروج فقط، موظف يتسكع في المولات والكافيهات أثناء العمل، بالأصح موظف لامسؤول.
هذه العشوائية برمجت الناس على الكسل، ليس لأن الشعب كسول، بل لأن النظام العام والقوانين تشجع على الكسل، تشجع على اللامسؤولية وتشجع على كسر القانون وعلى أمور كثيرة سلبية أخرى.
حتى يمكننا تعديل «التركيبة» الوظيفية يجب أن نعدل «نظامنا» الوظيفي أولا، نعدل سلم الرواتب ونعدل بين التخصصات، نرسم خطة توظيفية شاملة بتخصصاتها باحتياجات كل جهة، وتفصيل كل وظيفة، ثم نبدأ بجمع البيانات وأخيرا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، أما شغل «قص ولصق» فهذا دمر الأجيال والمجتمعات، وسيستمر في التدمير طالما تكون المسألة عشوائية.
بالقلم الأحمر: العشوائية في الإدارة، ستخلق عشوائية في الإنتاج، هدر المال العام، وهدر الطاقات الشبابية، وهدر الوقت، وهدم المجتمع، الإنتاجية تحتاج إلى «سيستم» منظم!