ماذا فعلت سناء القملاس؟

النشرة الدولية –

سناء القملاس وشركاؤها أسسوا وبنوا مصنع «أمنية» لتدوير البلاستيك وهو الوحيد من نوعه في الكويت، الذي يعتمد نظاماً للتجميع والفرز غير موجود في المنطقة، وزرعوا الأمل في التغيير، ومازال لسان حالهم يقول: «لا تدعميني يا حكومة، بس أعطيني أرضاً أبني عليها المصنع».

أصعب ما يواجهه الإنسان في حياته أن يتعرض للظلم والأصعب منه أن “يعاقب” على جرم لم يقترفه… قصة سناء القملاس وشركائها بإقفال مصنع “أمنية” لتدوير البلاستيك وهو الوحيد من نوعه في الكويت تستحق أن تروى لما فيها من دلالات ومعان.

وصلني كما غيري وعبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يختصر رحلة “الأشقياء الثلاثة” سناء القملاس وفرح شعبان وسعود الفوزان، وتحت عنوان “تم إغلاق مصنع أمنية لتدوير البلاستيك”، وفي مطلع الأغنية عبارة “اشهد لنا يا وطن بأننا بدأنا التغيير”.

استمعت لقصة مؤلمة شعرت بالتعاطف معها، لمعرفتي بالرحلة الشاقة التي أخذت منهم أعمارهم وأحلامهم.. وها هم اليوم يترجمون هذا اليأس بكلمات أغنية ريهام عبدالحكيم والتي تقول فيها:

بالورقة والقلم … أنا شفت فيك مرمطة… وعرفت مين اللي اتظلم

سألت عن السبب الذي أدى إلى إقفال “أمنية” وجدت في الشرح الذي قدمته سناء القملاس ما يفي بالغرض، وبالمناسبة خاضت سناء تجربة ثرية في مجال الإخراج السينمائي، لكنها وجدت ضالتها في تدوير النفايات.

ونحن على أبواب عام 2022 الذي استبدلت فيه كلمة “Waste” أي النفايات والزبالة، إلى كلمة “Source” أي مصدر، بحيث أصبحت “مصدراً” متكاملاً لخلق صناعات مستدامة وسط بيئة أفضل وأجمل، ففي إيطاليا على سبيل لمثال يقام مزاد علني على النفايات ولمن يدفع أكثر، وهذا ما يعمل به في العديد من دول العالم.

نحن لا نذهب إلى الجانب المظلم من عالم النفايات وإن كان موجوداً في الكويت وغيرها من بلدان العالم، وهو استغلال النفايات في عمليات غسل الأموال فقد “صارت الزبالة” من أكثر الأمكنة ذات السمعة السيئة في جمع الأموال وتهريبها؟

في عام 2015 وجدت سناء “أملاً بالمستقبل” بعد أن عملت في شركة متخصصة لصناعة مواد التغليف ورأت في صناعة البلاستيك زاوية ثانية قد تكون النافذة التي تحلم بها في التغيير، وبالفعل دخلت في مشروع “وكلها أمل أن تحدث تغييراً في المجتمع”.

خطت إلى الأمام عام 2018 حيث بدأ الإنتاج، وعام 2019 افتتح المصنع رسمياً وصار يصدر إلى أوروبا، وقد واجهت سناء وشركاؤها عوائق بتوفير المواد الخام بعد أن قدمت لها الحكومة عبر الصندوق الوطني لرعاية المشروعات الصغيرة، مبلغاً مالياً متواضعاً ثم قامت بتأجير الأرض من شركة لها باع طويل في مجال التخزين.

وبعد حوالي السنتين ارتأت أن تتقدم من الهيئة العام للصناعة بطلب الحصول على قسيمة صناعية 4 آلاف متر، وطال الانتظار ودخلت الكويت والعالم في “عصر كورونا” المؤلم مما تسبب في إغلاقات وعثرات متكررة على مدار العامين، اضطرتها الظروف إلى إيقاف التصدير للخارج مكتفية بالسوق الإماراتي.

توجهت إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، بعد أن أخطرت بإغلاق للمصنع، وأوصلت قضيتها بأمانة ومصداقية، ورسالة توضح فيها الحقائق كاملة، حولت الرسالة إلى وزير التجارة وبدوره إلى الهيئة العامة للصناعة، وتم بالفعل اختيار الأرض في منطقة “أمغرة” بعد أن حصلوا على موافقة البيئة.

المفاجأة الكبرى أظهرت أن التوزيعات للقسائم يشوبها الخلط والتدخلات وإلى ما هنالك، وأحيل الملف أي “التوزيعات” إلى نزاهة وديوان المحاسبة في شهر يونيو 2021، فماذا كانت النتيجة؟ تم إيقاف مصنع بخط إنتاج قيمته بحدود مليون يورو بعد أن استمر في الإنتاج لسنتين وهو مقام على مساحة ألفي متر.

سناء وشركاؤها أسسوا وبنوا نظاماً للتجميع والفرز غير موجود في المنطقة، وزرعت الأمل في التغيير… وقودها الناس والمواطنون والشباب وطلبة المدارس.

لسان حال سناء يقول: “لا تدعميني يا حكومة، بس أعطيني أرضاً أبني عليها المصنع”، تتحسر على ما آلت إليه الأوضاع، فقد بدأت الإمارات والسعودية مؤخراً بعد أن سبقت الكويت الآخرين.

تشعر سناء بالغصة على المصير الذي واجه مصنع “أمنية” بالرغم من كل المحاولات الدؤوبة لإصلاح الحال لكنها تنتظر وتتأمل لعلى وعسى أن تصل رسالتها لأصحاب القرار ويعيدوا لها “الأمل” الذي حلمت به، فما حدث مع سناء القملاس، قد يحدث مع آخرين لم تخرج أصواتهم إلى العلن.

زر الذهاب إلى الأعلى