حتى إشعار آخر
بقلم: أ.د. غانم النجار
النشرة الدولية –
لا أظن أن هناك من هو راضٍ عن مستوى الأداء السياسي، والديموقراطية بالتبعية، مع أن ما لدينا من قواعد حاكمة هي شبه ديموقراطية، تبدو شكلياً متكاملة، لكنّها ليست كذلك.
ربما ساعدنا على البحبوحة العامة، في حقبة مضت، ثقافة سائدة أكثر انفتاحاً، وثقافة أكثر رحابة وتسامحاً، وأكثر قبولاً للآخر، الفكري، أو الاجتماعي، وهي آخذة في الانقراض شيئاً فشيئاً حتى كادت تنعدم.
“فالإصلاحي” لا يعنيه كثيراً أن يكون عنصرياً، وطائفياً، وعرقياً، ومذهبياً، وقبلياً، أما “الحكومي” فلا يعنيه إطلاقاً تصفية مخالفيه بالرأي حتى النهاية.
أما الحكومة، وهي تعيش في أرجوحة فائض القوة، فليست مستعجلة على شيء، على رأي الصديق سليمان الفهد، يرحمه الله، عندما كنّا نستغرب لماذا تتصرف الحكومة بشكل سلبي في قضية الأسرى، كان بو نواف، يرحمه الله، يقول لي بحسّه الساخر، “الجماعة مو مستعجلين”.
وحيث إنه قد مضى على الانتخابات النيابية أكثر من سنة كاملة، دون أن تعقد جلسات اعتيادية متواصلة، فهل يوجد دليل على حالة الانسداد السياسي أكثر من ذلك؟ وهل يوجد مؤشر على عدم الاستعجال أكثر من ذلك؟
النهج العام في الدولة هو الرهان على الزمن لحلّ المشاكل، أو حتى عدم الرهان على أي شيء، في أغلب المشاكل التي هي قابلة للحل، ومنها البدون مثلاً لا حصراً.
ويأتي كدليل آخر ملف العفو، الذي جاء بمبادرة من سمو أمير البلاد، حفظه الله، حيث أكدت التصريحات أن “العفو” لن يقتصر فقط على السياسيين، بل سيشمل العديد من المحكومين الآخرين، والكثير منهم غير منتمٍ سياسياً، وبالتالي لا ظهر لهم.
ومن دون مقدّمات يتم تداول معلومة تجميد لجنة العفو إلى أجل غير مسمى، وبدلاً من أن يصدر توضيح أو تصريح لإنهاء الجدل، يتحول الموضوع إلى “حفلة زار” بين الأطراف المعنية وغير المعنية لصبّ الزيت على النار وإشعال البلد باتهامات واتهامات مضادة، ويذهب الذاهبون إلى أن ذلك نوع من العقاب لمن تكلّم، في الوقت الذي يبقى المحبوس محبوساً، حتى إشعار آخر، والمهجّر مهجّراً حتى إشعار آخر.
هكذا هي المسألة، ورحم الله أبا نواف… “الجماعة مو مستعجلين”.
هكذا نحن “بلد الفرص الضائعة”، وبلد حتى إشعار آخر، حتى لو هلك الضرع والزرع والناس.