الكيل بعشرة مكاييل تجاه «حقوق الإنسان»؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
سألت العم “غوغل” عن حالة حقوق الإنسان في العالم العربي، فأجابني برزمة وحزمة من التقارير والدراسات البائسة، حاولت الاستقصاء أكثر ليظهر أمامي دراسة تحاكي الواقع الذي نعيشه الآن بعنوان “خريف العرب الكيماوي” وهو التعبير الأقرب للحقيقة وعلى وزن “الربيع العربي”.
يسرد التقرير مجموعة أزمات تطول العمق المجتمعي والسلطوي وهي:
1- أزمة تحلل شرعية النظم السياسية.
2- أزمة تآكل القيم الاجتماعية والثقافية والدينية.
3- أزمة صراع حاد بين الأجيال.
4- أزمة متجذرة في اللامساواة بالدخل والثروة.
5- أزمة صلاحية انتهاء العقد الاجتماعي (الدساتير والمواثيق).
6- أزمة تفسخ النظام الإقليمي.
7- أزمة عدم وجود آليات مؤسسية لإدارة الحوار المجتمعي.
لكن ما علاقة هذا التحليل بحقوق الإنسان، وهي مناسبة يحتفل فيها العالم في العاشر من ديسمبر؟ الأزمات البنيوية في العالم العربي هي في النهاية انعكاس لأحوال حقوق الإنسان وما وصلت إليه هذه الأنظمة من تشريعات وبناء مؤسسات دستورية تكفل تلك الحقوق بصورة عادلة وذات قواعد وأسس ثابتة.
قد لا تختلف التقارير السنوية التي تخرج إلى العلن عن التقييم السيئ، ومنذ عشر سنوات وإلى اليوم ستجد قدرا كبيرا من التشابه والتطابق بالتدهور الحاصل في هذا المفصل الحيوي من حياتنا، حاول أن تستخرج أي تقرير صدر خلال السنوات العشر ولنقل منذ “ثورات الربيع العربي” وقارن بينه وبين ما يحدث اليوم، ستفاجأ أن المؤشرات في معظمها تتجه نحو الانحدار والتدهور عدا قلة قليلة تعد على أصابع اليد إن لم تكن أقل!
أسئلة من نوع آخر تطرح في هذا السياق، هل تردت حقوق الإنسان في العالم العربي منذ ثورات الربيع عام 2011؟ والأجوبة أيضاً حاضرة كما هي على الأرض “تتلقى ضربات مبرحة” على يد الأنظمة، كما كتبت السيدة “سارة ويتسون” مديرة هيومان رايتس ووتش في الشرق الأوسط، والأنكى من ذلك أن التعامل يجري مع الناشطين في مجال حقوق الإنسان وكأنهم “أعداء” للدولة تتم ملاحقتهم أحياناً والتضييق عليهم عند الغالبية!
منظمة العفو الدولية وفي تقريرها السنوي 2020 /2021 خصت “المدافعين عن حقوق الإنسان” بتوثيق ما يتكبدونه من أثمان باهظة نظير أعمالهم، عملت بعض السلطات على إسكاتهم ومعاقبتهم بأساليب شتى.
ومن يراقب “المواجهات” بين الأنظمة والتجمعات المدنية المعنية بحقوق الإنسان لا يخطئ القراءة، فقد وضعت معظم تلك الهيئات تحت المجهر والمراقبة وتصويرها كطرف متهم ومنحاز غير عادل، وهناك عشرات الأمثلة التي وقعت في المنطقة.
موضوع حقوق الإنسان بمفهومه الواسع تعدى قضايا الاحتجاز والاعتقال والسجن وخلافه إلى الحق في التعليم والصحة وحرية التنقل وتداول المعلومات والتعبير عن الرأي وكذلك حقوق الطفل، بحيث بات هناك منظومة متكاملة تطول معظم مناحي الحياة ومتطلباتها، ومن الصعب أن تتحدث عن شأن اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي دون أن يكون هناك صلة بحقوق الإنسان.
تم توظيف هذا الملف سياسياً واستخدامه من قبل “دول عظمى” مثل الويات المتحدة الأميركية كسلاح ابتزاز للدول التي تنتهك تلك الحقوق وفق معايير انتقائية، وهو ما جعلها محل تشكيك.. وأبسط مثال على هذا الانحياز هو ما يحدث داخل إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة من ممارسات عنصرية وجرائم حرب ترتكب وفي وضح النهار ضد الشعب الفلسطيني، ومع ذلك تنأى واشنطن بنفسها وتبقى بعيدة وكأنها لا ترى ولا تسمع فقد وقف مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة ومزق تقرير لجنة دولية وعلى مرأى من العالم ذات علاقة بحقوق الإنسان الفلسطيني! في حين إذا كانت هناك دول معادية لها ولمصالحها وليست على وفاق مع الإدارة الأميركية، تعمل هذه الإدارة على إضفاء صفة الكارثة وتجييش العالم ضد هذه الدولة لسلوك بسيط أو غير بسيط!
يبدو أن الصين رغم سجلها المعروف في حقوق الإنسان سلكت أسلوباً مختلفاً، فقد دأبت على نشر تقارير دورية تفضح الوجه الخفي عن أميركا في مجال حقوق الإنسان، بل راحت تلقنها دروساً في الديموقراطية، كما حدث مؤخراً لكن “الحرب المفتوحة” استباحت المعايير والمواثيق الدولية ودخلنا في صراع عالمي على من يحكم العالم، وتحول ملف حقوق الإنسان إلى “كرة” تتقاذفها الأيدي والأرجل.