عشرات الموقوفين “منسيّون” في سجون لبنان
النشرة الدولية –
لبنان الكبير –
إسراء ديب
لا تنتهي المشكلات التي تُعاني منها السجون اللبنانية الغارقة في الإهمال والمخالفات الدستورية الواضحة، ولا يُمكن إغفال حجم الكارثة التي يرزح تحت وطأتها آلاف المساجين منذ أعوام، فواجهوا الأمراض والأوبئة ومختلف التعدّيات الأمنية بصرخة استغاثة من هنا، ومنشور الكترونيّ من هناك لكن من دون جدوى أو أيّ تحرّك رسميّ يُؤدّي إلى حلّ هذه الأزمة المستمرة والتي يبدو أنّها لا تزال تنعكس على الواقع الأمني الذي يشهد على الأرجح انقساماً أو صراعاً بين أجهزته المختلفة، عدا عن الواقع القضائي الذي باتت تتحكّم به أحياناً بعض المغريات والتدخلات التي لم تعد تخفى على أحد أخيراً.
وقد وصلت “السكين” إلى رقبة عشرات الموقوفين الذين بقوا في السجن منذ أشهر بصورة مخالفة للقانون، وأثار المحامي محمّد صبلوح هذه القضية على صفحته عبر “فيسبوك”، وهي مشكلة يُواجهها عدد كبير من المحامين أيضاً في شمال لبنان وغيرها من المحافظات اللبنانية.
ولفت صبلوح الى أنّ تقاذف المسؤوليات بين الجيش وقوى الأمن الداخلي يُعدّ سبباً رئيساً في استمرار هذه الأزمة التي وصفها بـ “المصيبة”، مؤكّداً أنّ “عشرات الموقوفين الذين قد يصل عددهم إلى المئات يبقون في السجن من دون غطاء قانوني وبصورة مخالفة للقانون بسبب عدم قدرة قوى الأمن الداخلي التي أوقفتهم على إيجاد مكان لديها يتسع لهم، فيوضعوا في سجون الشرطة العسكرية للجيش وتتوقف مسيرة محاكمتهم أشهراً بدون استجواب أو حضور جلسات، علماً أنّ مهلة التوقيف الاحتياطية سنداً للمادة 32 أصول محاكمات جزائية قد حدّدت بأربعة أيام كحد أقصى”.
أضاف: “يحدد موعد جلسات لهم للاستجواب، هنا يمتنع الجيش عن سوقهم بحجة أنّهم موقوفون لصالح قوى الأمن الداخلي وهي التي من واجبها سوقهم والأخيرة تتهرب بحجة أنهم غير موقوفين عندها، هنا يعمد قاضي التحقيق إلى تسطير مذكرة توقيف غيابية مخالفة للقانون لتبرير توقيفهم غير الشرعي وتستمر المعاناة أشهراً ولا يتحرك أحد لوضع حدّ لهذه المأساة ولم يتحرّك مدّعي عام التمييز لمعالجة هذه المشكلة، كما لم تتحرك قيادتا الجيش وقوى الأمن الداخلي لمعالجتها على الرّغم من أنّ بقاء الموقوفين في السجن يكبدهم تكاليف باهظة لتأمين طعام السجناء وحاجاتهم، خصوصاً وأن معظم الموقوفين قد يخلى سبيلهم في أول جلسة”. واعتبر أنّ القضاء لا يُوافق على حلول أخرى للمشكلة، لا سيما وأنّ القانون قد أعطاه صلاحيات من شأنه معالجتها بقرار جريء “لكن للأسف لا أحد يتحرك”.
وإذا كانت قوى الأمن الداخلي تتهرّب من سوقهم إليها من جديد، فإنّ الشرطة العسكرية ووفق صبلوح ترى أنّها غير مضطرة لدفع ثمن نقلهم، لكن “الخطورة تكمن في الاكتظاظ الذي تتحمّل مسؤوليته الدّولة”.
وإذ أشار الى أنّ المحامين يحاولون معالجة هذه “المعضلة” بشتّى الوسائل، إلّا أنّه شدّد على أنّهم يقعون ضحية أيضاً “وسط تقاذف المسؤوليات بين الجيش وقوى الأمن الداخلي والقضاء المتفرج منذ أشهر”.
وتابع صبلوح عبر “لبنان الكبير” الحديث عن التفاصيل، قائلًا: “في مخفر القبة مثلاً، يُنقل الموقوفون إلى الشرطة العسكرية على سبيل الأمانة، لكن بسبب اعتكاف القضاء لفترة وغيرها من الظروف، يلعب المحامي دوراً كبيراً وصعباً ليصل الملف إلى قاضي التحقيق الذي يقوم ولتغطية نفسه (لعلمه بأنّه يُخالف القانون حين يُحتفظ بالموقوف لأكثر من 4 أيّام في السجن بلا تحقيق)، بقطع مذكرات توقيف غيابية ليُؤكّد أنّه لم يتمّ توقيفهم اعتباطياً ما يُؤدّي إلى إلقائهم لأشهر في السجن”.
كما لفت إلى أنّ الشبان الموجودين في السجون حالياً، لم يتمّ توقيفهم لجريمة شنيعة بل في الكثير من الأحيان تُزجّ الضحية في السجن لقضية بسيطة مع العلم أنّ المرتكب لا يزال حراً طليقاً، “فهناك موقوفان منذ شهرين في قضية ترتبط بإطلاقهما الرصاص في الهواء بعد اعتداء أحد الأشخاص على عمّهما، كما هناك موقوفون كان يُمكن لقاضي التحقيق أن يُخلي سبيلهم مباشرة في وقتٍ تكثر فيه قضايا مرتبطة بالخلافات والعراك لا بالمخدّرات مثلاً أو بالقتل العمد…”.
وأوضح صبلوح أنه أعدّ مخططًا يقوم على تدويل السجون اللبنانية “ونقوم بإعداد بيان مشترك مع منظمات دولية لعرض مشكلة السجون في لبنان وحلولها”.
ووفق معطيات “لبنان الكبير”، اشتبك منذ أيّام أحد المحامين شمالاً مع أحد قضاة التحقيق لايجاد الحلول المناسبة، ما دفعه إلى التحدّث مع نقيبة المحامين في طرابلس ماري تيريز القوّال للتشديد على أنّ هذه الأزمة قد استفحلت كثيراً، واأشارت بدورها إلى تواصلها مع القيادات الأمنية لإيجاد الحلّ المناسب.