أكثر المشكلات اللبنانية… الايجارات القديمة مصادرة ومحتلة… بغياب تطبيق القانون
النشرة الدولية –
لبنان الكبير – حسين زياد منصور –
لا تزال قضية الايجارات من أكثر المشكلات التي يعاني منها اللبنانيون، وتضاعفت بصورة كبيرة خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصاً مع انهيار قيمة العملة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، الى جانب غياب رقابة الدولة. وفي لبنان نشهد نوعين من الايجارات، القديم والجديد، لكن المشكلة الكبرى تكمن في القديم. وفي ظل الظروف الحالية تعتبر هذه القضية بالغة الأهمية وتحتاج الى حلول سريعة تجنباً لأي احتكاك قد يؤدي الى مشكلات بين المالك والمستأجر.
طعمة: يفترض تحرير جميع عقود الايجار
يشرح منسق اللجنة القانونية في “المرصد الشعبي لمكافحة الفساد” المحامي جاد طعمة في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “قانون الايجارات عدّل في العام 2014، وكان يرمي الى تحرير عقود الايجار السكنية، بحيث أن العقود الممددة قانونياً يوضع لها حد خلال فترة تدريجية تنتهي خلال 9 سنوات، والقانون نص على تحمل الدولة مسؤولية تعويض المستأجرين محدودي الدخل من خلال صندوق تنشئه له أصول في المراجعة ضمن مهل معينة وآلية قانونية معينة للافادة من تعويض المستأجرين محدودي الدخل”.
ويشير الى أن “الصندوق لم ينشأ، وكان أصحاب الحقوق يراجعون قضاء العجلة لتحصيل حقوقهم، وعدم انشائه أضر بالمالك، اذ من المفترض ونحن على أعتاب السنة التاسعة، تقاضي المالك الايجار على أساس بدل المثل أي ما يعادل تقريباً القيمة الحقيقية للايجار الجديد لعقار يتشابه مع عقاره، وهو ما لم يحصل”.
ويضيف طعمة: “في العام 2017، عدلت أحكام قانون الايجار وظهرت اشكالية بخصوص مدة السنوات التسع، إن كانت ستحتسب من 2017 الى 2026 أو من 2014 الى 2023. ثم صدرت عدة قوانين توضح أن قانون 2014 هو الأصل و9 سنوات تحتسب من 2014 لا من 2017، والقوانين التي صدرت خلال جائحة كورونا، كانت تتضمن تعليقاً للمهل لكنها استثنت في مفاعيلها قوانين الايجار، وبالتالي مدة 9 سنوات لم يعلق العمل بها خلال أعمال قوانين المهل، وبقية هذه المدة سارية منذ 2014”.
ويتابع: “نحن على أعتاب العام التاسع 2023، ومن المفترض أن تكون جميع عقود الايجار للأماكن السكنية قد أصبحت محررة، يعني أن المالك يستردها بحكم القانون، ويحق للمستأجر أن يستفيد من 3 سنوات إضافية، أي البقاء في المنزل للسنة 12، أي من 2023 الى 2026، وفي حال قرر ذلك عليه أن يدفع الايجار وفق بدل الايجار الجديد وهو ما يدفعه المستأجر الجديد لعقار مشابه له”.
اما عن ايجار الأماكن غير السكنية، فيلفت طعمة الى أنها لا تزال خاضعة للتمديد القانوني وبالتالي الزيادة على الايجار يجب أن تكون استناداً الى مؤشر غلاء المعيشة الذي يشترط ألا تزيد الزيادة السنوية عن 5٪. إذاً فأصحاب المحال أو العقارات التي تستعمل لغايات تجارية وصناعية يواجهون أزمة كبيرة لعدم قدرتهم على زيادة الايجار السنوي الا بنسبة 5٪، مع العلم أن مؤشر غلاء المعيشة ازداد في كل عام ما يقارب 100/100 أو 200/100.
رزق الله: على الدولة التحرك فوراً لتفادي المشكلات
اما رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله فيؤكد أن “انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي يؤثر سلباً على بدلات الايجار في العقود الموضوعة، لأن معظمها بالليرة اللبنانية، والأزمة أو الكارثة الكبرى تكمن في الإيجارات القديمة السكنية وغير السكنية”.
ويقول: “على صعيد الايجارات غير السكنية، كالمحال مثلاً لا تزال هناك ايجارات بـ 40 و50 ألف ليرة شهرياً، مع العلم أن التاجر نفسه يحتسب بضاعته أو ما يريد بيعه وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، في المقابل يدفع لصاحب الملك مبلغاً يتراوح بين 30 و50 ألف ليرة في الشهر، وهنا نتحدث عن الايجارات المرتبطة بعقود الايجار لما قبل آب 1992”.
ويشير رزق الله في كلامه حول الايجارات السكنية الى أن “قانون الايجارات صدر في العام 2014، وفي الموازنة الأخيرة رصدت 25 ملياراً لحساب دعم المستأجرين، وهنا تكمن المشكلة في الفئة التي ستستفيد من هذا الدعم، كون الدولة لا تفعّل اللجان القضائية لتكمل مسارها. فهذه اللجنة التي تكون برئاسة قاض عليها أن تقر رسمياً بمن سيستفيد من دعم الدولة”، لافتاً الى وجود 24 لجنة موزعة على المحافظات، صدر مرسوم انشائها في 2019 ولغاية الآن لا تعمل.
ويضيف: “نحن اليوم على مقربة من السنة التاسعة من إقرار قانون الايجارات، ولا يزال المالك يحصل على ايجار يتراوح بين 20 و30 ألف ليرة شهرياً، أي أقل من دولار واحد، في الوقت الذي يدفع فيه المستأجر فاتورة اشتراك الكهرباء بين 4 و5 ملايين ليرة وصفيحة البنزين 800 ألف ليرة، عدا الأقساط التي يحصل جزء منها بالدولار الأميركي”.
ويسأل: “من أين يعيش المالكون، وهم في غالبيتهم من كبار السن، وتجاوزت أعمارهم الـ 70، وبحاجة الى الضمان والدواء، الى جانب وجود بعض الحالات المزرية بينهم؟ من أين يمكن للمالك تأمين كل هذه الاحتياجات في الوقت الذي يحصل فيه على 30 و40 ألف ليرة ايجاراً في الشهر؟”، موضحاً أن “أحد المالكين يملك مبنى من ١٢ شقة في الأشرفية ويحصّل ٢٢٠ ألف ليرة ايجاراً شهرياً، ما الذي يؤمنه هذا المبلغ؟ وهل هو منطق؟ وفوق كل ذلك يتوارث المستأجرون هذه المنازل، مع العلم أنها بحاجة الى ترميم في الوقت الذي لا يملك المالك المال لترميمها، ويقولون ان تحرير الايجارات سيؤدي إلى رمي الناس في الشارع، وهذا غير صحيح، لأن المستأجر يحصل على تعويض، والمالك (عم يطول باله)”.
ويعتبر أن “لا أحد يلتفت الى فئة المالكين القدامى، والدولة تمارس اعداماً بحقهم، اليوم لا يمكننا أن ندعو الى اعتصام أو تحرك لأن صفيحة البنزين تساوي الايجار الذي يتقاضاه على مدى ٣ سنوات”، مطالباً الدولة بـ “التحرك الفوري لتفادي المشكلات، لأننا قادمون على كارثة واشكالات شخصية، فهناك الكثير من المالكين لم يعد باستطاعتهم التحمل، فأملاكنا مصادرة ومحتلة”.