بطة المسرحية والقرود الأفريقية
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
أجرت الفنانة صفاء أبو السعود مقابلة مع فنان مصري، لم التقط اسمه، روى فيها القصة التالية:
في الستينيات، وفي عز الاشتراكية وتملك الدولة لكل شيء، تطلب مشهد مسرحي وجود بطة على المسرح، وتقرر تأجيرها من سيدة قروية بمبلغ 25 قرشاً في اليوم.
تبين أن هذا سيكلف «المال العام» 100 جنيه مع نهاية الموسم، وأن من الأفضل شراء البطة بـ5 جنيهات، وتوفير الباقي على الدولة.
تطلبت النظم المحاسبية وجود وصل شراء البطة، فتم اختلاق وصل مع بصمة البائعة. كما تطلب الأمر إدخال البطة ضمن مخازن الدولة العامة، من خلال المستندات.
***
مع انشغال الجميع بالأمور الروتينية المتعلقة بقيد البطة، تناسوا حاجتها إلى مأوى وإلى من يعتني بها ويطعمها، واستغرق البحث وقتاً، فماتت البطة.
لم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد تطلبت النظم المحاسبية شطب البطة من «ممتلكات الدولة». كما ورد في تقرير الطبيب البيطري أن سبب موت البطة يعود للجوع، وهذا تطلب تحويل الملف إلى التحقيق، لمعرفة الجهة المهملة في طعامها، وتم استدعاء العاملين في المسرحية وتوجيه تهمة التفريط بأموال الدولة لهم! ولكن في النهاية تقرّر حفظ القضية، وقيد «الجريمة» ضد مجهول!
هذه ليست نكتة، بل حادثة حقيقية، يوجد ما يماثلها في الكثير من دولنا!
***
ذهب رجل لقرية قريبة من غابة تكثر فيها القرود وسوّر أرضاً كبيرة ووضع فيها عدة أقفاص.
ذهب مع مساعده لأهالي القرية وعرض شراء كل قرد بخمسين دولاراً.
ترك سكان القرية أعمالهم وزرعهم، وانطلقوا وراء القردة، فاختفت القوية منها في عمق الغابة، وأمسك الأهالي بالضعيفة وباعوها للرجل الغريب.
زاد الرجل من قيمة العرض إلى 100 دولار للقرد، فدخل أهل القرية لأعماق أكبر، لاصطياد ما تبقى منها. ومع الوقت خلت الغابة تماماً من القردة، فعرض الغريب مبلغ 500 دولار للقرد الواحد، ففقد أهل القرية صوابهم ومتعة النوم، وتركوا أعمالهم وهاموا جميعاً في الغابة يبحثون عن قرد يمكن بيعه وتحقيق مبلغ يكفيهم العام كله، ولكن القردة اختفت تماماً.
أخبر الرجل أهالي القرية بأنه سيذهب لإحضار شاحنات مخصصة لنقل القردة التي قام بشرائها، وسيغيب بضعة أيام، وعندما يعود سيشتري أي قرد بمبلغ ألف دولار!
أصاب الارتباك أهل القرية فقد تركوا مزارعهم وأعمالهم وكسدت تجارتهم وأصبح همهم محصوراً في صيد قرد، والحصول على الجائزة.
بعد مغادرة الرجل للقرية، قام مساعده بالاتصال سراً بقروي يثق به، وعرض عليه بيعه قردا بـ700 دولار. وعندما يعود الرجل فإن بإمكانه بيعه بألف دولار!
لم يصدق القروي ما سمع، وذهب لبيته وهمس لزوجته بالخبر، فقرروا بيع كل ما يمتلكون وعادوا للمساعد بالمال واشتروا منه أربعة قرود بدلاً من قرد واحد.
أفشت زوجته السر لشقيقتها، ومنها انتشر كالنار في الهشيم بين كافة سكان القرية، فجمع كل واحد منهم ما بإمكانه جمعه من مال، واتجهوا نحو مساعد الرجل، وأفرغوا الأقفاص مما بها من قرود، مقابل 700 دولار للواحد!
انتظر الجميع بفارغ الصبر عودة الرجل التاجر!
مر الأسبوع ولم يعد الرجل، وأصاب الجميع القلق، فذهبوا لسؤال المساعد عن موعد عودة الرجل، فلم يجدوه في المخزن الذي أصبح خاوياً من القردة ومن أموالهم!
أدرك الجميع أنهم تعرضوا لعملية نصب، وأنهم كانوا ضحايا لما يسمى بـMonkey business، ويطلق عليها آخرون تسمية حديثة وهي بيتكوين Bitcoin.