قراءة في الوضع الوبائي لفيروس كورونا في الأردن
بقلم: د. دانييلا القرعان

النشرة الدولية –

سيحفظ التاريخ أن فيروس كورونا غير العالم أكثر من الحروب، وحتى المجاعات، وأن هذا الفيروس الذي اجتاح ـ بداية الأمر ـ مدينة ووهان الصينية أصبح عابرا للجغرافيا، متحديا لغطرسة الدول وجبروتها، ومُرغما العالم على التقوقع والانعزال وإغلاق حدوده، وأحيانا وربما كثيرا، وضع قواعد الديمقراطية في إدارة المجتمعات جانبا، واللجوء إلى قوانين الطوارئ، وتقييد الحريات العامة والشخصية. نظرية المؤامرة سقطت سريعا، والفيروس خرج من أسوار الصين؛ فسقطت أعتى دول القارة الأوروبية في براثنه بل العالم اجمع، واستفاق العالم على خطر لا يمكن تجاهله، أو إغلاق الأبواب أمامه؛ ليسارع الجميع بحثا عن حلول وملاذات آمنة منه. القاعدة الذهبية التي تُطبقها الدول وتلجأ لها بشكل واضح أن حق الحياة والصحة يتقدمان على كافة الحقوق الأخرى، ولهذا سارعت بلدان كثيرة لاقتباس التجربة الصينية في إغلاق بؤر المرض، ومنع السفر، وإعلان حالة الطوارئ، وحتى حظر التجول رغم انتقادات وتحفظات المؤسسات الحقوقية من استخدام الإجراءات الاستثنائية للعصف بحقوق الإنسان.

بات الأردن يتصدر دول الشرق الأوسط بأعداد الاصابة بفيروس كورونا، حيث تجاوز الأردن إيران التي تعتبر أكثر دول الإقليم انتشارا للكورونا، كما تجاوز الأردن العراق التي تعتبر الأعلى عربيا بإصابات فيروس كورونا بأكثر من مليون إصابة حاليا. أما بخصوص أعداد الوفيات فقد جاء الأردن في المركز الثاني على مستوى دول الشرق الأوسط، وبخصوص الحالات التي تتلقى العلاج جاء الأردن في المرتبة 17 على مستوى العالم. وبناء على هذه الأرقام قامت دول كثيرة بوضع الأردن على القائمة الحمراء ونصحت مواطنيها عدم السفر للأردن، ولو رجعنا الى المؤشرات الوبائية في كافة المجالات نلاحظ ارتفاع كبير بالوضع الوبائي، والأوضاع باتت مقلقة ونعيش حاليا أوضاع وبائية مقلقة وحساسة للغاية وفي نفس الوقت دقيقة. وإذا ما علمنا أنه يوجد حوالي 800 ألف مواطن مسجلين على المنصة ولم يتلقوا أي جرعة مطعوم، وكذلك يوجد حوالي 40 % من فئة كبار السن لم يتلقوا المطعوم والمقدر عددهم حوالي 200 ألف مواطن؛ وبالتالي يوجد حاجة ماسة لتفعيل الحملة الوطنية للتطعيم في الأردن حسب المعطيات والاحصائيات المتوفرة لدينا. ووصلت نسبة التطعيم ضد فيروس كورونا في الأردن الى 33% وهي نسبة ليست بالجيدة، ووباء كورونا أصبح شبه وباء يخص غير المطعمين، وأن أكثر من 90% من الحالات التي تحتاج دخول المستشفيات هم من غير المطعمين. إن الدول التي أعلنت انتصارها على وباء كورونا مثل الامارات وبريطانيا تجاوزت نسبة المطعمين عندهم 66%، معتبرا ان هذه نسبة عالية تحميهم من الدخول الى مرحلة سيئة.

سجل الأردن قبل خمس أيام أول إصابتين بسلالة أميكرون الجديدة لفيروس كورونا، فيما تجاوزت حالات فيروس كورونا المسجلة أكثر من مليون حالة منذ ظهور الوباء في المملكة تقدر بـ 1.003428 اصابة، وزادت حصيلة الوفيات الى 11917 وفاة منذ بدء الوباء. وأعلن في وقت سابق المركز الوطني للأمن وإدارة الازمات عمليات خلية أزمة كورونا إجراءات تشمل فحص PCR لجميع القادمين الى الأردن خلال 72 ساعة من السفر، وذلك في ضوء تطورات الوضع الوبائي في المملكة، وتقرر اتخاذ المزيد من الإجراءات الاحترازية في مواجهة وصول المتحورات الى المملكة، وتحديدا المتحور اوميكرون.

نحن نملك سلاحين لمقاومة جائحة فيروس كورونا هما التطعيم ووسائل الوقاية الشخصية الوبائية من التزام بلبس الكمامة والتباعد الجسدي وتهوية الأمكنة المغلقة والنظافة الشخصية. إذ يجب ان نركز على هذين المحورين بخصوص التطعيم ويجب القيام بحملة إعلامية شعبية لتشجيع الناس على الاقبال للتطعيم وتدريب الكوادر الصحية على أساليب التواصل الاجتماعي مع المواطنين.

Back to top button