التدقيق الجنائي في خطر مجدّداً قانون السرية المصرفية… ورهان “الحاكم ومن يحميه”
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

بالوقائع لن يكون ما تبقى من عمر العهد أفضل مما مضى، والسبب وجود من يصرّ على عدم منح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اي امتياز او انجاز يسجل كعلامة فارقة في عهده، حتى ولو كان التدقيق الجنائي الذي يحتل صدارة شروط صندوق النقد لحصول لبنان على المساعدات. عود على بدء كرّرت شركة ألفاريز المكلفة بالمشروع تهديدها بالانكفاء الكلي عن متابعة عملها، في حال لم تؤمن لها الدولة ضمانات قانونية باستمرار حصولها على المطلوب من المعلومات حتى نهاية عملها وتسليمه. فخلال الاجتماع المالي الاخير الذي عقد في بعبدا مؤخراً وحضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تمّ استعراض الاسباب التي تعيق عمل الشركة واعتبر سلامة ان التعاون مع الشركة ينتهي مع انتهاء العمل بقانون رفع السرية المصرفية الذي اقره مجلس النواب اي نهاية العام الجاري، في حين يعتبر رأي آخر ان مفعول القانون ومدته يبدآن مع بدء الشركة عملها. يومها انتهى الاجتماع بتحذير حاكم مصرف لبنان من مغبة الملاحقة القانونية في حال تخلف عن تسليم المطلوب من معلومات لشركة التدقيق الجنائي عملاً بالمادة 371 من قانون العقوبات.

تشير الوقائع المحيطة بالتباين الحاصل، ان التدقيق الجنائي يدخل في سياق المناكفات السياسية، بالنظر لوجود من يتقصّد تمييع الملف ووضع العقبات في طريق إنجازه. معطوف على ذلك استبعاد رئيس الجمهورية عن ملف المفاوضات مع صندوق النقد والتعمية المتعلقة بخطة التعافي المالي، وتفريغ الكابيتال كونترول من مضمونه.

وبناء لمعطيات مؤكدة فإن التدقيق الجنائي بات مهدداً. والسبب الاختلاف على تفسير قانون السرية المصرفية بين من يقول ان عمل هذه الشركة ينتهي مع نهاية العام، وآخر يؤكد ان المهلة يبدأ احتسابها من تاريخ بدء الشركة عملها اي مجرد ان يبدأ التدقيق الجنائي. خلاف أثار شكوك الشركة الموقعة مع الدولة اللبنانية من الاطاحة بعملها وهي عبرت عن خشيتها من ان تصطدم مجدداً بعقبات قانونية تحول دون تسليم الملفات اللازمة لإنجاز عملها.

تعود قصة ألفاريز الى عام ونصف من دون ان تتمكن الشركة الاميركية من الدخول الى “كهف” مصرف لبنان. بعض المعلومات تؤكد ان حاكم المركزي رياض سلامة لم يسلم الى الشركة المعلومات المطلوبة كاملة ومن بينها 10 من البيانات التي لها وزن، مراهناً على انتهاء مفعول قانون رفع السرية المصرفية نهاية العام الجاري، بينما المفترض ان مفعول هذا القرار يصبح سارياً من تاريخ بدء الشركة عملها. مصادر معنية بالملف جزمت ان المطلوب من سلامة تسليم الشركة جميع حسابات الموظفين المفتوحة في المصرف المركزي والتي يمكن ان يكون تمّ تهريب الاموال من خلالها، وجميع محاضر جلسات المجلس المركزي وليس مجرد تقارير عنها. يتحكم الحاكم بمصير الصناديق والمجالس والهيئات والوزارات بحجة السرية المصرفية والتي يفترض الّا تنطبق على المؤسسات العامة. وتؤكد المصادر المعنية ان الحاكم و”من يحميه” يراهنان على ان يمر العام وينتهي مفعول قانون السرية المصرفية ليتوقف العمل على المشروع، ما دفع ألفاريز الى الطلب من الدولة ضمانات تحميها قانوناً والتأكد من انها ستنال المطلوب من معلومات لانجاز عملها، خشية ان تكون الحجة انتهاء مفعول قانون السرية المصرفية. في اعتقاد المعنيين ان الهدف عدم الكشف عن حقيقة الفجوة المالية والبالغة 59 مليار دولار. والمطلوب ان نسمي الاشياء بأسمائها وتسليم الداتا قبل اعتذار ألفاريز عن مهمتها، أما في حال التخلف عن تلبية احتياجات الشركة فهناك من يصر على تسمية الاشياء بأسمائها.

مشروع رئيس الجمهورية الأهم مهدد بالفشل بعدما كان المأمول ان يكون الانجاز الوحيد الذي سيخرج به العهد بعد انتهاء ولايته. ماذا لو تم افشاله حقيقة، حينها يهدد المعنيون بالملف “سوف نهدم الهيكل على من فيه”. التخلف عن تسليم المعلومات يعني افراغ المشروع من مضمونه لكن السؤال وفي حال تمّ بالفعل افشاله كيف سيحصل لبنان على مساعدات، بينما احتل التدقيق الجنائي البند الاول من شروط صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان؟ وهل صحيح ان وزير المالية يوسف خليل يتعامل مع الموضوع وكأنه لن يحصل؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى