على رأسه ريشة
بقلم: إيمان حيدر دشتي

النشرة الدولية –

في جولتي للبحث عن قصة مناسبة لقراءتها لأطفال أعمارهم من سبع إلى ثماني سنوات، وقعت عيني على قصة عنوانها «على رأسه ريشة»، لكاتبة سعودية اسمها البتول كمال، تروي فيها قصة قرية عادية، كان نصف سكانها على رأسهم ريشة، ونصفها الآخر ليس على رأسهم ريشة، وبالرغم من صغر حجم الريشة، إلا أنها كانت السبب في التفرقة بين السكان، تدور أحداث القصة بين نجاح المحرومين من الريشة في الحصول عليها وبالتالي تساوي الجميع، ومن ثم رفض وتذمر الأهالي الذين كان على رأسهم ريشة بالأساس، واجتماعهم للبحث عن حل، فهم يشعرون بالغضب لتساوي الجميع، ليكتشف السكان لاحقا أن الريشة ليست ما يميزهم، بل عليهم البحث عن مزاياهم الحقيقية من الداخل ليصل كل شخص على شيء ينفرد فيه.

قررت بعد اقتنائها وقراءتها، ألا أرويها للصغار، ولا بأس من ذكرها وروايتها للكبار لعمق معانيها لتعم الفائدة.

ففي رحلتنا بالحياة ويومياتنا نصادف الكثير من الناس الذين يعتقدون أن على رأسهم ريشة! أو قد نكون نحن في بعض الأحيان من هؤلاء! فهل تعاملت يوما مع أحدهم وكأن على رأسه ريشة؟ كثيرون من يصدقون بأن على رأسهم ريشة، تمنحهم ميزة عزل وتعمد إهمال الآخرين، فهم يرون في أنفسهم ما لا يراه أحد، وريشتهم هذه لها ألوان وأشكال كثيرة، فمن يملك ريشة الشكل أو المال والأصل، وهي مزايا ليس له دور فيها ولم يحصل عليه بمجهوده، يصف بعض أصحاب ريشة الثراء بالوراثة للشخصيات العصامية وصانعي الفرص، ومن كونوا ثروتهم بكدهم وتعبهم بحديثي نعمة ويعتقد البعض أن الجين أو رباط الدم أو اسم العائلة أو الطائفة، يؤهله هو ولا أحد غيره لمنصب أو وظيفة أو الحصول على ثقة القياديين بل والناخبين.

كما ويظن آخرون أن الأقدمية والأسبقية تعطيه الحق بانتقاص من قدر وحقوق الآخرين.

إن ريشة الغرور المهني ولقب كدكتور أو معالي أو مدير، أمام أسمائهم، تخولهم للحديث عن كل شيء والحكم على أي شيء، كما ريشة الغرور المعرفي فيتصور البعض أنه يحق له القول وفرض رأيه مادام ينتمي فكريا لفئة وتجمع معين، وتمكنهم هذه الريشة من تسفيه آراء وأفكار الآخرين والسخرية من الناس، فمن تكون حتى تناقش علومهم وتتجرأ على ذاتهم العظيمة.

لو يعلم من على رأسه ريشه كم فضحت تلك الريشة جهل وعيوب كثيرة فيهم لانتزعها وتواضع وتقبل الآخر وشاركه الحياة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى