لبنان في موسم الأعياد يترقّب قدوم مغتربيه وصمت سياسييه وثلوج كانون
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
على رغم حراجة الأوضاع الإقتصاديّة والأزمات السياسيّة المتواصلة، شهد موسم الصيف حركة سياحيّة لافتة، نشطت خلالها السياحة الداخلية، بفعل قدوم المغتربين من جهة، وتحويل ما تبقّى من الطبقة الوسطى وجهتهم إلى السياحة الداخلية من جهة ثانية، نظرًا لارتفاع تكاليف السفر ومحاذير كورونا. القيّمون على القطاع السياحي يأملون أن تتجدّد هذه الحركة خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، علّها تعوّض شيئًا من خسائر القطاع.
العين مجددًا على المغترب اللبناني، وحده قادر على خلق أجواء العيد في ربوع الوطن الحزين، خصوصًا أنّ بعضنا أمعن ولا يزال في ضرب علاقات لبنان بالدول الخليجية، غير آبه بالتداعيات المدمّرة على الإقتصاد المتهالك، خصوصًا على القطاع السياحي.
يفصلنا حوالي أسبوعين عن موسم الأعياد، صورة الحجوزات لا زالت غير واضحة، وإن كانت المؤشّرات الحاليّة غير مشجّعة، لكن لا يمكن البناء عليها، لاسيّما أنّ المغتربين الذين قرروا تمضية فترة الأعياد مع الأهل والأقارب في لبنان لم يصلوا بعد. الأمين العام لاتحاد النقابات السياحيّة جان بيروتي يفصل بين عيدي الميلاد ورأس السنة، متحدّثًا لـ “لبنان 24” عن أنّنا سنكون أمام حجوزات لا بأس بها في عيد الميلاد “انطلاقًا من قدوم عدد كبير من المغتربين لقضاء الأعياد مع الأهل. أمّا بشأن ليلة رأس السنة، فلا يمكن توقّع كيف سيكون عليه الوضع، إذ ننتظر الظروف المناخيّة والثلوج والتي من شأنها أن تنعش الحجوزات، كما أنّ الأوضاع في البلد لا تسمح بالحجز باكرًا من قبل اللبنانين، ومن المبكر الحديث عن الحجوزات العربيّة”. بيروتي يأسف لخسارة لبنان ميزته، إذ لطالما اشتهر بسهرات رأس السنة التي كانت تقام في النوادي الليلية الكبيرة، أمّا هذا العام فيتّجه معظم كبار الفنانين لإحياء حفلاتهم في الدول العربية خصوصًا في دبي. قلّة منهم باقية في لبنان، حيث الأجور مرتفعة في الخارج ، أمّا في لبنان فلا يحتمل الوضع الإقتصادي، بظلّ ترجع القدرة الشرائية لدى اللبنانين.
ليس وحده الوضع المالي والإقتصادي مسؤول عن تراجع القطاع السياحي في بلد يعتمد على السياحة والخدمات بالدرجة الأولى، بل الوضع السياسي المتقلّب الذي خلق نوعًا من الحذر، لاسيّما وأنّ الإستثمار جبان أمام التقلّبات وعدم الإستقرار. يقول بيروتي “نتيجة للأزمات المتلاحقة تحوّل العديد من المستثمرين إلى الخارج. يضاف إلى ذلك افتعال مشاكل لا علاقة لنا بها مع الدول الخليجية، أدت إلى انكفاء السائح الخليجي الذي طالما شكّل عماد السياحة اللبنانية، وكان لبنان وجهته الأولى. وها نحن ندفع ثمن حروب الآخرين بفعل التبعية للخارج”.
عن التأثير السلبي لارتفاع عدّاد كورونا على موسم الأعياد، لفت بيروتي إلى أنّ كورونا لا تشكّل عائقًا، خصوصًا أنّ المؤسسات السياحية ملتزمة بالإجراءات والتدابير المطلوبة، ولو كانت كورونا تحكم وضعية الحجوزات لما رأينا دبي بأتم استعداد لاستقطاب الفنانين وتنظيم السهرات، فكورونا واحد هنا وهناك.
النقابات المعنيّة بالقطاع السياحي تأمل أنّ يتحلّى الأفرقاء السياسيون بالتهدئة، لتشجيع السيّاح والمغتربين على زيارة البلد وإنعاش الموسم السياحي، خصوصًا أنّ لبنان يتمتع بالكثير من المزايا السياحية. وزارة السياحة كانت قد أطلقت حملة “بجنونك بحبك” شملت “رزمة سياحية شتوية” بهدف استقطاب نحو 40 ألف وافد بين مغترب وأجنبي في فصل الشتاء، عبر توفير “رزم سياحية” تشمل كلفة الفندق وتذاكر السفر وإجراء فحوصات الـ pcr وغيرها بأسعار مخفضّة ومدعومة، تغطّي الوافدين من كلّ من إيطاليا (روما و ميلانو)، إسبانيا، أرمينيا، اليونان، مصر، الأردن، العراق (بغداد وأربيل والبصرة والنجف).
بالتوازي أطلقت “مجموعة النهار الإعلاميّة” والمجلس الإقتصادي والإجتماعي حملة “أعطوا لبنان فرصة” بهدف السماح لجميع اللبنانيين أن يعيشوا هدنة وسلاماً في شهر كانون الأول قبيل عيدَي الميلاد ورأس السنة الجديدة، مع “صفر اشتباكات”. عن نتائج الحملة قال رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد في اتصال مع “لبنان 24” عندما أطلقنا حملتنا كنّا نتمنى أن تتلقفها القوى السياسية ولو بشكل ظرفي ومرحلي، لكن بقي التوتر قائمًا وكذلك الإشتباك السياسي، بحيث نشعر أنّ هموم الناس والإقتصاد ليست في حساباتهم، ولكن نأمل ونناشد أن يستجيبوا على الأقل في فترة الأعياد، حيث يلتقي اللبنانيون مع بعضهم، مما يخلق دينامية في البلد.
أضاف عربيد أنّ المؤشّرات الأوليّة عن الحجوزات ليست واعدة، كما أنّ حركة الإستهلاك تشهد تراجعًا بشكل كبير بما فيها قطاع بيع التجزئة “إلى اليوم ليس هناك من حركة أعياد، لاسيّما وأنّ القدرة الشرائية تراجعت إلى حدود كبيرة، وهموم الناس في مكان آخر”.
لا زال هناك أمل بإمكان تفعيل موسم الأعياد، خصوصًا أنّنا مقبلون على موسم تزلّج واعد، وقد تحمل الأيام القليلة الفاصلة عن موعد الأعياد بشائر إيجابيّة، فيما لو تعقّل المعطّلون واراحوا البلد من خطاباتهم ومنابرهم وعدائيتهم، وفكّوا أسر الحكومة لتقوم بمسؤولياتها الكبيرة على شتّى الصعد الإقتصادية والحياتية.