خُذ من كيسه.. وعايده!
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
عنوان المقال مثل كويتي يعني أن تكافئ شخصاً ما من جيبه أو ماله. وفي بلاد الشام يقولون: من سمنه وسقّي له!
***
افتتح البنك، الذي كنت أعمل به في الستينيات، فرعاً في منطقة بعيدة عن العاصمة. جاء مواطن بسيط الفهم والهيئة للفرع يحمل شيكاً بمبلغ كبير صادر من الحكومة، ثمناً لاستملاك بيته للمنفعة العامة. ولما كانت فروع البنوك لا تحتفظ في خزائنها إلا بمبالغ قليلة، فقد حاول الموظف إقناع المواطن بفتح حساب ولكنه رفض، فأحال الأمر إلى مدير الفرع الذي نجح في إقناع المواطن، بعد جهد، بفتح حساب جار وتسلم دفتر شيكات، بعد أن رفض المواطن، لأسباب عقائدية، فكرة حساب وديعة أو توفير.
واجه المدير صعوبة بعدما تبيّن له أن المواطن أميّ فتم الاتفاق معه على الحضور للبنك كل مرة يريد فيها إصدار شيك، ويضع ختمه وبصمته عليه ويعتمده البنك.
بعد فترة لم تطل كثيراً تبخر رصيد الحساب على مختلف المشتريات، وكان مبلغ آخر شيك يقارب الـ800 دينار، ولم يكن ما تبقى من رصيد في الحساب يكفي غير نصف مبلغ الشيك، ولمعرفة المدير بالعميل ونشاطه التجاري البسيط، وبيته القريب جداً من البنك، تم صرف الشيك للمستفيد، ونتج عن ذلك انكشاف الحساب بمبلغ 400 دينار تقريباً.
تأخر العميل في تغطية الرصيد المكشوف فأرسل مدير الفرع أحد موظفي البنك لبيته في وقت الغداء، فحضر منزعجاً لاستدعائه في وقت قيلولته، وسأل المدير عن السبب، فقال له بأن حسابه مكشوف فلم يفهم، وبعد جهد بيّن له أنه مدين للبنك بمبلغ 400 دينار، فنظر المواطن للمدير معاتباً وقال له، وهو يخرج دفتر الشيكات من جيبه: أفا عليك يا أبو محمد! تناديني وقت النوم علشان 400 دينار؟ تفضل هذا دفتر الشيكات واكتب المبلغ الذي تريده وأنا أختم وأبصم لك الشيك!
وهنا ينطبق عنوان المقال على تصرف صاحبنا المواطن البسيط، ولسان حال مدير البنك أبو محمد يقول: «لا طبنا ولا غدا الشر»!
***
عادت بي الذاكرة لأكثر من خمسين عاماً على هذه الحادثة، وأنا أقرأ الخسارة الفادحة التي تعرّض لها «متنبئ» القرن الحادي والعشرين، أبو زرافة، الذي خسر مبلغاً كبيراً كان مودعاً لدى أحد المصارف اللبنانية، بعد رفض البنك تحويل أرصدته الكبيرة لخارج لبنان، فقام أبو زرافة برفع قضايا، داخل لبنان وخارجه، على البنك مطالباً بملايينه، ويقال إنه كسب القضية فقام البنك، تنفيذاً للحكم، بإصدار شيك بكامل رصيد حسابه، مسحوباً عليه، لمصلحته وطلب منه صرفه!
ويكون البنك قد طبق المثل الشامي: من سمنه وسقّي له!
***
كيف لشخص يدعي المعرفة ويتنبأ بأن لقاحات كوفيد ستكون لها آثار مدمرة بعد ستة أشهر على من تطعم بها، وأثار هلع الجميع بهذا الخبر، والخبر الآخر الذي تنبأ به نشوب حرب عالمية ثالثة بين الصين وأميركا (أكتوبر 2020)، ولكنه عجز تماماً عن التنبؤ بمصير أمواله والاقتصاد اللبناني؟!