خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد: هل وضّح الرؤية أم زادها غموضًا؟!
بقلم: ريم بالخذيري

النشرة الدولية –

في الوقت الذي كان ينتظر فيه التونسيون وأصدقاء تونس وشركاؤها خطابا مفصليا للرئيس قيس سعيد يوم 17 كانون الأول ( امس)، تاريخ الثورة الجديد، الذي أقرّه مرسوم رئاسي، بدل 14 كانون الثاني، تفاجأ الجميع ليلة 13 كانون الأول، بخطاب انقسم إلى قسمين، الأول كان وصفيا بامتياز رجع فيه الرئيس إلى الأحداث التي حفّت ب 25 تموز والظروف الذي أنتجته، حيث كان التلميح فيه صريحا إلى أن سعيد كان مجبرا على اتخاذ ما اتّخذ ولم يكن ذلك بحثا على السلطة و الانفراد بالحكم.

أما القسم الثاني فقد كان سياسيا بامتياز وجاء مستجيبا من حيث الشكل إلى الطلب الوطني و الدولي، بتسقيف زمني لهذه الاجراءات الاستثنائية، التي ستنتهي في 17 كانون الأول 2022 بإجراء انتخابات تشريعية بعد إجراء استشارات وطنية ستنطلق في الفاتح من كانون الثاني كما سمّاه الرئيس وهي تسمية غريبة على المجتمع التونسي لتتواصل الى شهر آذار، وسيكون محورها الاصلاحات الدستورية والنظام الانتخابي، ثم يتم اجراء استفتاء على الاصلاحات الدستورية و على النظام الانتخابي الجديد، في شهر تموز 2022، وسيكون الاستفتاء الكترونيا بعيدا عن الهيئة المستقلة للانتخابات التي يبدو أن الرئيس سائر في اتجاه حلّها.

الخطاب كما قلنا، أجاب عن السؤال الأهم وهو: متى تنتهي الاجراءات الاستثنائية ؟ لكنّه زاد الأمر غموضا بإقصائه لكل مكونات المجتمع من أحزاب و منظمات و هيئات وطنية. وقد كان الرئيس واضحا برفضه الخيار الثالث الذي طرحه الاتحاد بقوله «ويتحدّثون عن خيار ثالث، فان شاؤوا أن يؤسسوا لخيار رابع أو خامس»، بمعنى أن الرئيس و اللجنة التي سيعيّنها فقط هي من ستضطلع بمهمة اعداد الاصلاحات السياسية خلال هذه السنة والشعب الذي بإمكانه أن يصوّت الكترونيّا وهو ما سيفقد الاستفتاء جدواه بحسب ملاحظين.

لكن خطاب الرئيس و بصفته السياسية تلك خيب ظنّ السواد الاعظم من التونسيين الذين كانوا ينتظرون قرارات حاسمة أساسا في المعيشة اليومية و في إصلاح التعليم وفي الأمن وفي كل ما يتصل بالمواطن. اذ بات من الواضح أن التونسيين لم تعد تعنيهم السياسة لا من قريب و لا من بعيد، و لم يعد يعنيهم من يحكمهم و كيف سيحكمون إنما يعنيهم كيف سيعيشون .

قيس سعيد بخطابه هذا أراد استباق ما سيحدث ربما يوم 17 كانون الأول من احتجاجات تستعد للخروج و التظاهر وهو خطاب برأيي موجّه للخارج قبل الداخل.

خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد.. هل وضّح الرؤية أم زادها غموضا؟ ! هذا ما ستجيب عنه الايام و الأشهر القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى