ديوان بودي… أول مستشفى في الكويت

النشرة الدولية –

الجريدة –

د. عادل محمد العبدالمغني –

كنت أعتقد، كما اعتقد غيري أيضاً، أن أول مستشفى في الكويت هو مستشفى الإرسالية الأمريكية… الذي عُرف لدى عموم الأهالي بـ “المستشفى الأمريكي”، ولكن اتضح خلاف ذلك، حسب ما جاء في التقرير المنشور بمجلة “الاتحاد الطبي للنساء الأمريكيات”، في شهر أغسطس ١٩٥٠، وكاتبة التقرير هي الطبيبة إيليانور تايلور كالفري، وكانت أول طبيبة تصل الكويت في صيف عام 1911، وعرفت ما بين الأهالي بالطبيبة حليمة!

وقبل أن أتحدث عن تقريرها، أود الإشارة إلى تحديد مكان المستشفى الأول “ديوان بودي”، وهو عبارة عن بيت كبير ضم عدداً من الغرف ومرافقها، وموقعه في حي الوسط، بمدينة الكويت القديمة، بالقرب من مسجد الحداد الحالي، وقدّمه الحاج محمد حمد بودي، دون مقابل، لبعثة الإرسالية وقت قدومها للكويت في صيف عام 1911.

تقول الدكتورة إيليانور تايلور كالفري في تقريرها:

”كم أتذكر الكويت بوضوح، وقد رأيتها لأول مرة سنة 1911، فلقد رأيتها من الباخرة التي نقلتنا في رحلة استغرقت يومين من البحرين شمالاً على شاطئ الجزيرة العربية، وكنا ثلاثة مبشرين، الدكتور بول هاريسون وزوجي وأنا، بعد أن نجحنا بامتحان السنة الثانية في اللغة العربية، وعُيّنا في المركز الجديد للإرسالية… ووقفت أجول بنظري من على ظهر السفينة في أول بقعة أرض… فرأيتها، وفي الأفق ظهرت مدينة في الصحراء، منازلها واطئة بلون الرمال، وفوقها كانت السماء زرقاء وتحتها مياه الخليج تحتضن السفن الشراعية، وعلى الشاطئ ترسو مجموعة من الزوارق تنتظر موسم صيد اللؤلؤ، وفي تلك اللوحة لم تكن هناك شجرة أو بقعة خضراء، ومع ذلك فإن الكويت لها جمالها الخاص”.

ثم تسترسل الدكتورة إيليانور في الوصف، حتى تصل إلى بيت القصيد (ديوان بودي)، وتقول:

”كان مدخل البيت الذي سنقيم فيه ونستخدمه كمستشفى، ككل البيوت العربية، لم تكن له نوافذ خارجية، وكانت الغرف تفتح على الباحتين (الحوش)، واخترنا القسم الأكبر ليكون مقر عمل الدكتور هاريسون، والغرف الباقية احتفظنا بها كغرف لنوم المرضى وعيادات للنساء والرجال وغرفة لإجراء العمليات، وفرشنا غرف نوم المرضى بالحصير، ولم تكن فيها أسرة، فالعرب معتادون أن يناموا على الأرض”.

ومن سياق التقرير، نلاحظ أن الدكتورة إيليانور ذكرت اسم “مستشفى”، ولم تقل “عيادة” أو حتى “مستوصف”، وأيضاً وصفت غرف منامة الرجال والنساء، كما أشارت كذلك إلى وجود غرفة لإجراء العمليات. والأمر يُعطي دلالة مؤكدة أن المكان هو “المستشفى” الأول في الكويت!

وتمت مزاولة بعثة الإرسالية الأمريكية عملها في هذا المكان مدة عامين، ثم انتقلت إلى مبناها الجديد في عام 1913، الذي عُرف بالمستشفى الأمريكي!

جزاه الله ألف خير الحاج المرحوم محمد حمد بودي، على عمله الخيري الإنساني، والذي يسجله له التاريخ، حين استشعر ضرورة استضافة البعثة في ديوانه، لخدمة أهالي الكويت.

الصورة بالمناسبة للدكتورة إيليانور تايلور كالفري وقت قدومها إلى الكويت في صيف عام 1911.

Back to top button