لهذه الأسباب غادر ميقاتي عين التينة غاضباً
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
تعدّدت الروايات والحقيقة واحدة ميقاتي اهتزّ لكنه لم يقع ولن يقع. ذلك ان القرار الذي أتى به رئيساً للحكومة لم ينته مفعوله بعد. لكن الجديد المستجد هو زعل ميقاتي من رئيس مجلس النواب وخروجه بطريقة صادمة حتى لتظنّ انه على قاب قوسين او أدنى من الاستقالة. فما الذي حصل؟ زار رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي رئيس مجلس النواب نبيه بري عارضاً عليه عقد جلسة حكومية باتت ملحة نتيجة الضغط الدولي الذي حمله الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش. إستظل رئيس الحكومة التهديد الدولي وارتأى البت بأمر العودة الى طاولة مجلس الوزراء، فسأله بري كيف تعود والسبب الذي تعطل من اجله المجلس لا يزال قائماً، أم انك تريد تكرار فعلة الرئيس السنيورة بعقد جلسة من دون الوزراء الشيعة. وتردد هنا ان بري هدد ميقاتي باستقالة الوزراء الشيعة من الحكومة في حال عاودت جلساتها ما ازعج ميقاتي، خصوصاً بعدما ابلغه بري ان على الحكومة ان تقوم بالإعداد لنفضة قضائية من خلال تعيينات قضائية شاملة. نقاش الرئيسين انتهى سلبياً، فلا بري اعطى الضوء الاخضر بعقد جلسة للحكومة ولا ميقاتي خرج مسروراً وهو تقصد ان يعكس اجواء الاجتماع لدى خروجه ليصيب في مكانين: الظهور بمظهر المصر على اعادة حكومته الى سكة العمل، وانه غير معني بالتسوية التي بدأ الحديث عنها باكراً يوم امس.
وجاء في الأسباب المنطقية لزيارته عين التينة شعوره بنضوج اتفاق ما بين بري و”التيار الوطني الحر” لم يكن في جوه، فقصد عين التينة مستبقاً الامر بإثارة ازمة، او بالون اختبار ينتهي مفعوله في لحظته بدليل بيانه الذي اعقب البلبلة والذي أكد فيه استمرار العمل الحكومي بعد ان كانت أشيعت اجواء عن استقالته.
الشائعات عن استقالة ميقاتي ربطاً بسوء التفاهم بينه وبين بري جاءت في أعقاب الحديث عن تسوية متصلة بقرار المجلس الدستوري المتعلق بالطعن بقانون الانتخاب الذي تقدم به “التيار الوطني الحر”، وما سيعقبه من تسوية تعيد مجلس الوزراء الى استئناف عمله. لم يكن مثل هذا الحديث بالغ الدقة وسط تأكيد المعنيين ان لا علاقة حكماً بين قرار المجلس الدستوري اليوم والعودة الى جلسة مجلس الوزراء وملف المحقق العدلي. لكن وبحكم الوقائع فإن قرار المجلس الدستوري سيبنى عليه حكماً ما سيكون عليه الوضع في البلد عموماً. حتى بدا وكأن البلاد ومستقبل الحكومة والعلاقة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” متوقفة على قرارالدستوري النهائي. قد يكون حُمّل الموضوع اكثر مما يحتمل معطوفاً عليه الطريقة التي خرج بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من عين التينة غاضباً، بما اوحى وكأنه خارج الطبخة التي تعد ما بين الثنائي ورئيس الجمهورية. كل ما حمله يوم امس لم يخرج عن سياق احتمالات لما سيكون عليه الوضع بعد قرار المجلس الدستوري. اذا رد الطعن او لم يخرج المجلس الدستوري بقرار موحّد يعني أن ازمة كبرى سترخي بظلالها على الحكومة، وعلى العلاقة بين الثنائي الشيعي وعون، الى ما هنالك من خطوات تصعيدية قد تصيب بشظاياها تفاهم مار مخايل بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. وتلافياً لتوسيع الشرخ السياسي وفي محاولة لتطويق أزمة تجميد جلسات الحكومة انشغل المعنيون على امتداد الاسبوع الماضي بالبحث عن مخرج ملائم. كلما طُرحت صيغة شهر أحد الاطراف معارضته، ما تسبب بتبادل الاتهامات بتعطيل الحلول، تدخل “حزب الله” بكامل جهده وقرر ان يضع حداً للتعطيل، تباحث مع بري وتولى التقريب بينه وبين “التيار”. كان المطلوب بالدرجة الاولى التفاهم بعد قرار الدستوري على جلسة النصاب في مجلس النواب وتشكيل مجلس اعلى، على ان تأتي الخطوات التالية للتفاهم لاحقاً فيصار الى الاتفاق مع رئيس الحكومة على سلة تعيينات. مسار متكامل يجري العمل عليه يبدأ من قرار المجلس الدستوري لتتوالى بعده المسارات ولا يدخل ملف المحقق العدلي في الاتفاق، بما يضمن عدم انكسار اي طرف وتعادل الجميع في تحقيق المكاسب.إرتدت جلسة الدستوري التشاورية امس اهميتها، فيما كانت الترجيحات تشير الى احتمال قبول المجلس الدستوري بالطعن، فيتم بعدها عقد جلسة نيابية يحضرها “التيار الوطني الحر” ويصوت على تشكيل هيئة لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، اما الخطوة التي ستلي حكماً فهي انعقاد جلسة لمجلس الوزراء ويبدأ بعدها البحث في سلة تعيينات قضائية وسياسية، باكورتها تعيين اعضاء جدد لمجلس القضاء الاعلى وقد سمعها من بري صراحة ان المطلوب نفضة في القضاء من الرأس، ما اغضب ميقاتي واعتبره شأناً يمس بصلاحياته كرئيس حكومة وان تنسيق مثل هذه الامور يجب ان يتم معه مباشرة.