الأسئلة الممنوعة في الملف النووي الإيراني الإسرائيلي
بقلم: حمزة عليان

حمزة عليان

النشرة الدولية –

الخبر الإيراني في لغة الصحافة والميديا يحتل الأولوية، وأي حدث عنها مقروء، فما بالك إذا كانت “الرقابة” في العراق صادرت كتاباً بعنوان “المشروع الأسود بين إيران وإسرائيل” كان معروضا ضمن أروقة المعرض الدولي للكتاب في بغداد، تقرر سحب كل النسخ لدار النشر المصرية “كنوز” وإجراء تحقيق في عرضه! ففي أساليب الترويج الدعائية هناك قاعدة تقول كل “ممنوع مرغوب”، وما إن يقال إن هذا المقال منع من النشر أو هذا الكتاب صودر من الأسواق، حتى يتربع على قائمة الأكثر انتشاراً أو مبيعاً.

 

دفعني الفضول لقراءة كتاب المؤلفة “سارة شريف” والصادر من القاهرة بصرف النظر عما إذا كان محتواه يتوافق مع أفكارك وقناعاتك، المهم هنا معرفة لماذا كان المنع، وماذا فيه من أسرار؟

 

فكرة الكتاب تقوم على فرضية أن “الغريمين جمعتهما مصالح مشتركة وفي النهاية تمتد أيديهما تحت منضدة الصراخ وتعقد الصفقات”! وبحسب وجهة النظر تلك فقد أرادت المؤلفة، ولا أدري ما إذا كان هذا اسمها حقيقياً أم لا، أن تجمع كل الدخان الذي يخيم على علاقة إسرائيل وإيران، حتى يأتي اليوم وتنكشف فيه النيران!

 

استعرضتُ فصول الكتاب ومضامينه وتوقفت عند الفصل الخاص بالملف النووي لدى الدولتين (إسرائيل وإيران) خصوصا بعد تصريح الرئيس السابق لاستخبارات الجيش الإسرائيلي وهو يودع منصبه موضحاً دوره في عمليتي تصفية مهمتين: الأولى مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني (3 يناير 2020) والثانية مقتل القيادي في حركة حماس بهاء أبوالعطا 2019.

 

هذا الاعتراف يضيف معلومة جديدة لم يسبق أن خرجت إلى العلن بعد تقارير استخباراتية أميركية عن كيفية تخطيط وتنفيذ “أهم وأخطر” عملية للقوات الخاصة أعقبت أوامر للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فالمسألة النووية هي الأساس في عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل أو اشتركت فيها، وأشهرها اغتيال العالم الإيراني البارز “محسن فخري زادة” داخل طهران وأربعة علماء نوويين آخرين منذ عام 2010.

 

كان السؤال وما زال: هل إسرائيل جادة بنسف المشروع النووي الإيراني أم أنها تستثمر حالة الهلع والخوف في الشارع الإسرائيلي لتساوم عليه وتجمع به أصوات الناخبين، كما تطرح السؤال صاحبة الكتاب؟

 

إيران لن تستخدم القنبلة النووية ضد إسرائيل كما ترى، يكفيها التلويح دون الإطلاق، فإسرائيل لا تخيفها القنبلة، لأن برنامج إيران النووي كما تنظر إليه “مشروع نفوذ مزدوج الاستخدام”، وفي هذا السياق تأتي الأسئلة: إن أكثر الممنوعات هذه الأيام هو السلاح النووي الإيراني، رغم أن إسرائيل تملك ترسانة نووية، لأن الأسئلة الحرجة باتت ممنوعة ولا أحد يلتفت إليها، فهل يسمح لإسرائيل بفعل كل شيء؟ وهل ما هو مسموح لها ممنوع على جيرانها؟ وهل مسموح لإسرائيل أن تتسلح بالشكل الذي ترغب فيه؟ وهل مسموح لها أن تضرب وتعربد وتدمر كيفما تشاء، داخل حدود سيادة أي دولة أخرى، كما فعل سلاح الجو الإسرائيلي بتدمير المفاعل النووي في بغداد (1981)، وتدمير العاصمة اللبنانية بيروت (1982)، واستباحة سماء وأرض سورية بأكملها منذ سنوات؟ الواقع يقول “نعم”.

 

إسرائيل بشهادة منظمات وهيئات دولية لديها ثمانية مفاعلات نووية وعدد من مراكز الأبحاث النووية والعالم كله ساكت عنها، فهي ترفض أساساً الكشف عن برنامجها النووي أو السماح لوكالة الطاقة الذرية بدخول أراضيها والتفتيش عن مفاعلاتها، ولم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولم تصدق على معاهدة الأسلحة الكيميائية!

 

في المشهد النووي ومحادثات فيينا السبع ينكشف حجم الغياب العربي والخليجي، بل ضعفه في المشاركة بصياغة قواعد اللعبة النووية بين الكبار، فنحن الضحايا وهم اللاعبون وسلامتك وتعيش!

 

زر الذهاب إلى الأعلى