لماذا يواصل الدولار التحليق عالياً بأسواق الصرف اللبنانية؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 –  نوال الأشقر –

تشير الأرقام إلى أكثر من 100 ألف شخص قدموا لتمضية الأعياد في لبنان، معظمهم من المغتربين. كان يؤمل أن تساعد دولاراتهم في لجم ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية، بفعل زيادة العرض من خلال ما ينفقونه من “فريش دولار” في السوق. لكن الدولار حافظ على مستوياته المرتفعة رغم أموال المغتربين والسيّاح. التعميم 161 بدوره الذي نصّ على دفع رواتب الموظّفين بالدولار النقدي، كان الهدف منه سحب السيولة بالليرة، وضخ عملات أجنبية في السوق، بقصد وضع حدٍّ لارتفاع سعر الصرف. مفاعيل التعميم بدورها لم تلجم المسار التصاعدي للدولار.

هناك من يعتبر أنّ الدولار كان يتّجه لتجاوز الـ 30 ألف ليرة خلال فترة الأعياد، وأنّ التعميم نجح في بقائه تحت هذا السقف. وفق مقاربة مستشار اتحاد المصارف العربية الخبير المالي والمصرفي بهيج الخطيب في حديث لـ “لبنان 24″، الهدف من التعميم تمثّل في التخفيف من الإتجاه التصاعدي للدولار وليس خفضه، خصوصًا أنّ المبالغ التي تمّ ضخّها وفق التعميم محدودة، وهي عبارة عن رواتب الموظفين التي تتراوح بين 100 و 300 دولار. كما أنّ الذين استفادوا من السحوبات، بعضهم عمد إلى بيع الدولار في السوق الموزاية لتحقيق زيادة محدودة، والبعض الآخر الذي لم يكن بحاجة للمال ترك الدولار في جيبه، بالتالي ما حصل لن يؤثر على اتجاه السوق بل من شأنه أن يُبطىء حركة الإرتفاع.

أضاف الخطيب “التطبيقات التي تحدد سعر الدولار لا تستند إلى أيّ معطى فعلي قائم على حجم العمليات في سوق العرض، رغم ذلك باتت هذه المنصّات هي من تحدّد سعر صرف الدولار، بدل وجود منصّة تشكّل مرجعية في ترجمة واقع السوق. في الماضي كان هناك منصّة تدعى شركة باتلر، لديها وسيط مقرّه في لبنان، يتلقّى طلبات العرض والطلب على الدولار من قبل البنوك والصرّافين، علمًا أنّ الصرّافين لا يتعاونوا بشكل مباشر مع باتلر، بل مع المصارف التي تعرض او تشتري، والتسعير كان ترجمةً لسوق حقيقيّة وثابتة، والعمليات تكون معروفة الحجم ومعلن عنها، وتعكس سعرًا حقيقيًّا وفق العرض والطلب. أمّا ما يحصل اليوم فهو مخالف تمامًا، ولا أساس يرتكز إليه، لكنّه صار معتمدًا في تحديد اتجاه وسعر الصرف هنا تكمن الخطورة، إذ ليس هناك من حجم معلن للعمليات التي تتم في السوق الموازية، ويمكن لخمسين ألف دولار أن ترفع السعر”.

المعطى الثاني الذي كان يجب أن يعقلن الدولار، هو قدوم أعداد لا بأس بها من المغتربين، ففي يوم 23 من الشهر الجاري على سبيل المثال وصل إلى لبنان 12879 وافداً. بطبيعة الحال يحمل هؤلاء الدولار النقدي الذي يفتقده السوق اللبناني، ولكن ذلك لم يخفض دولار السوق الموازية، والسبب يعود وفق الخطيب إلى أنّ هذه الدولارات أُنّفقت لشراء الحاجيات والخدمات، ولم تمر في الجهاز المصرفي ومصرف لبنان هذا من جهة، ومن جهة ثانية عمد المغتربون إلى إعطاء جزء من الدولارات إلى ذويهم وجرى تخزينها، من هنا لا تبدو مفاعيل أعداد المغتربين كبيرة في تهدئة الدولار.

بأيّ حال ما يحصل لا يعدو كونه إجراءات وتدابير موقّتة، لا يمكن لها أن تدعم الليرة وتلجم جنون الدولار، بظل استنزاف احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة، واستمرار التدهور المالي والإقتصادي. والحلول الموعودة لا يمكن أن تكون إلّا ضمن خطّة متكاملة للنهوض الإقتصادي، تبدأ بالمسار السياسي والإقلاع عن تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

Back to top button