بفضل “حارة النواب” .. دستورنا في خطر..!!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
أصبح الدستور الأردني في خطر داهم في ظل تداخلات كبيرة بين اللجنة الملكية للتحديث السياسي ومجلس النواب وما بينهما من مؤسسات متنوعة، ويقبع الخطر الأكبر من مجلس النواب الذي يضم مجموعات مختلفة الفكر والنهج والصوت، فالرئيس لا يُخالف النظام الداخلي المُقدس حتى لو كانت المخالفة في خدمة الصواب والوطن، فيما النواب يتمترسون وراء فكرهم النابع من مرجعياتهم الحزبية والعشائرية، مما يعني أن كل نقطة تحتاج لسنوات من الحوار والنقاش، ولن يقتنع أحد بالتعديل من عدمه إلا في حال تدخل قوى ضاغطة تُجبر النواب على الموافقة أو الرفض.
فالنواب في غالبيتهم لا يدركون معنى مجلس النواب وأهميته وقدرته ولا يعرفون دورهم في التشريع ولا يدركون حُرمة المجلس لنجد أن العديد منهم يخرجون عن روح الأخلاق الأردنية وأدب الحوار، بل أن بعضهم لا يعرف الطريقة المناسبة في إيصال وجهة نظره ولا معارضة فكر الآخرين بهدوء، فالغلبة في مجلس النواب لصاحب الصوت الأعلى دون مكبر للصوت، لذا لا نجد حديث هاديء من أحد منهم ليتحول المجلس إلى سوق للخضار الكل يُنادي على بضاعته الجيدة أو الفاسدة ليتحول المجلس إلى “حارة النواب” وليس مجلس لعقلاء يبحثون عن نهضة وطن.
لقد كان الواجب على الحكومة أن تقوم بإرسال النواب إلى المعهد الدبلوماسي ليتدربوا على أليات الحوار والنقاش والمعارضة، وكيفية تقديم الإقتراحات والأهم إحترام الآخرين وبالذات الشعب الذي حملهم للمجلس ليكونوا عوناً للوطن وليس حجر عثرة في طريق النهضة، لقد شوه العديد من النواب الصورة التي نبحث عنها لمجلس سديد الرؤيا سليم الفكر قويم الفعل، لكن هذه الثلاثية غائبة كلياً عن آليات الحوار، مما يُشير إلى أن المجلس يشكل الخطر الأبرز على الدستور الأردني.
فالمجلس بصورته الواضحة يعمل بطريقة كارثية لا تعتمد لغة الحوار بل التهديد المتبادل، وهذا ما ظهر حين أخطأ نائب بحديثه ليعتذر عنه مسرعاً، لكن الرئيس رفض الإعتذار وهدد النائب بإخراجه من الجلسة، ليكون رد النائب أعنف من ذي قبل، حين قال للرئيس ” إمسك لنا قنوة بعد شوي”، فيما قال الرئيس لنائب آخر:” إخرس وإطلع برا”، وهذا الحوار يُظهر الضعف في عمل المجلس، مما يُشير إلى أن العديد من النواب يدخلون الجلسة وهم يتربصون بالآخرين لافتعال المشاكل ربما لعدم تمرير أي قانون أو نظام ولفرض القوة على الفكر والعنف على الرؤى السليمة، لذا فهذا المجلس يحتاج لإعادة صيانة وصياغة قبل إكمال مناقشة الدستور.