هل تسقط ورقة التفاهم اللبنانية؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – ايناس كريمة –
يبدو أن تصعيدا سياسيا يلوح في الأفق بين حزب الله والتيار الوطني الحر، رغم أن الحزب يتجنّب الخوض في أي اشتباك اعلامي او سياسي مع التيار بل تسرّب أوساطه أنه يتفهّم امتعاض الأخير ومواقفه الحالية ولا يزال متمسّكاً بالتحالف معه. لكن يبدو أن “الوطني الحر” يتجّه نحو تأجيج الخطاب في وجه الحزب ضمن الهوامش المتاحة.
وبعيدا عن كلمة رئيس التيار الوطني الحر المرتقبة، لا يزال التيار يسير في نهج تصعيدي ويحاول الإيحاء بأن هناك رغبة عارمة ضمن بيته الداخلي بفكّ وثيقة التفاهم مع الحزب وتحديداً في ما يتعلق بالسياسات الداخلية من دون الملفات الاستراتيجة المرتبطة بالعداء مع اسرائيل وسلاح المقاومة وحركة الحزب عموماً في هذا الشأن.
لكن “الوطني الحر” وبحسب مصادر شديدة الاطلاع، يخطو خطوات خطيرة، إذ إن فكّ التحالف مع حزب الله هو بمثابة انتحار سياسي قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، حيث أن التيار لا يملك ترف التحالفات السياسية سواء مع المجتمع المدني أو مع قوى الرابع عشر من آذار، لذلك فلا خيارات أمامه سوى إما التحالف مع “حزب الله” و”حركة امل” وقوى الثامن من آذار او الاختلاف معهم وخوض المعركة الانتخابية وحيدا.
قد يكون الخيار الثاني، اذا ما ذهب التيار نحوه، هو الكارثة الحقيقية على واقعه السياسي في المرحلة المقبلة، اذ إن التيار وبحسب أغلب استطلاعات الرأي، خسر نسبة كبيرة من شعبيته منذ حراك السابع عشر من تشرين وحتى اليوم وبالتالي فهو عاجز عن الحفاظ على كتلته النيابية بل قد يتعرض لخسائر فادحة في حال خوضه المعركة الانتخابية وحيدا من دون دعم في معظم الدوائر، لذلك فإن فك التحالف يعني أولاً هزيمة انتخابية للتيار.
الخسارة الثانية هي أن التيار “الوطني الحر” يرغب بفتح علاقات جدية مع سوريا في المرحلة المقبلة على اعتبار أن دمشق ستعود سياسياً الى الساحة اللبنانية لتفرض جزءاً من نفوذها السابق كنتيجة لاتفاق اقليمي ايراني – سعودي وربما لاحقاً برضى اميركي، وبالتالي فإنه وفي حال “كسر الجرة” مع “حزب الله” فإن العلاقة مع سوريا ستصبح أكثر تعقيداً ما سيفتح مجالات لخصومه من أجل استغلال خلافه مع الحزب لدق إسفين بين الطرفين.
الخسارة الثالثة هي خسارة دستورية إذ إنه، وبعيدا عن نتائج الانتخابات، لا يزال حتى اليوم الى جانب التيار، في حال ترشحه وحيدا، حليف واحد فقط في المرحلة الحالية هو “حزب الله” وبالتالي فإن كانت لدى النائب جبران باسيل اية طموحات على الصعيد الرئاسي فإنه حتماً سيخسرها لا سيما وأن خصومه يؤكدون استحالة التفاوض على وصوله الى سدة الرئاسة، ما سيُخرج الحزب من دائرة الاحراج للاختيار بينه وبين الحليف الاخر رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
من كل ما تقدم، يبدو أن خطوات التيار في حال استمرت بوتيرة تصاعدية واتخذت أشكالا رسمية لجهة اعلان الانفصال او الشقاق او فك التحالف الداخلي مع “حزب الله” فإنه سيكون لهذا الأمر تبعات سلبية عليه، الا إذا كان التيار يراهن على أن هذا الامر سيؤدي الى ما يُسمّى بالـ “تسونامي الشعبي” والى استعادة التأييد الكامل في الشارع المسيحي يمكّنه من قلب الطاولة والفوز مجددا في الانتخابات، وهذا قد لا يكون واقعياً خصوصاً أن ظروف العام 2005 تختلف جدا عن ظروف اليوم.