منع الحرب القادمة في البوسنة سيكون معجزة
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
إعلان صرب البوسنة تأسيس “جيش مستقل” أول طلقة في جسد الدولة الوليدة عام 1995 وهي “البوسنة والهرسك”، فقد يكون انفصالاً غير مصرح به وقد يؤدي لحرب عرقية دموية وهذا بسبب التدخل الروسي الداعم لصرب البوسنة، وهناك مخاوف جدية قد نشهدها في عام 2022 تقضي بتفكك دولة البلقان الهشة وتمزيق “اتفاقية دايتوان” للسلام، بحسب مراقبين محايدين، وهذا الخوف دفع السكان في العاصمة سراييفو إلى تخزين الطعام وآخرين بادروا بسحب ودائعهم من البنوك.
ينقل السفير السابق للبوسنة والهرسك في الكويت الدبلوماسي ياسين الرواشدة صورة أقل ما يقال فيها إنها تنذر بقيام حرب جديدة في الربيع القادم وإن منع حدوثها سيكون معجزة على حد تعبيره.
هنا يطرح السؤال، هل يريد الرئيس فلاديمير بوتين وحلفاؤه الصرب فتح جبهة جديدة في البلقان لتخفيف الضغط عليه في أوكرانيا؟ أو بمعنى آخر، هل يسعى إلى ابتزاز الغرب أكثر، إذا لم يطلقوا يديه في أوكرانيا فإنه مستعد لإشعال حرب ستجر إليها حتماً دول إقليمية مثل تركيا!
القادم سيكون الأسوأ، هكذا وصف الوضع ممثل الأمم المتحدة في تقريره السنوي من أن البلاد “تواجه خطراً حقيقياً بالانفجار”، دعونا نستعرض تتابع ما جرى في الأشهر الأخيرة من عام 2021:
1- مقاطعة جميع الوزراء والمسؤولين الصرب، عمل المؤسسات المركزي.
2- إعلان رئيس جمهورية “صربسكا” قيام جيش وسلطة ضريبية ونظام قضائي مستقل في غضون 6 أشهر، مع تعليق 140 قانونا صدرت عن مكتب الممثل الدولي.
3- نشر ورقة نسبت إلى رئيس حكومة سلوفينيا يسعى فيها إلى تعديل حدود البلقان على أساس إثني.
لكن عودة إلى الجذور التي تتطلب الوقوف على ولادة اتفاقية دايتون والتي مضى عليها 35 عاماً، ووفق رواية الدبلوماسي الرواشدة، خلال ثلاثة أسابيع في عام 1995 كان “اتفاق دايتون” جاهزاً بعدما جرى الضغط على الجانب البوسني لقبوله، والذي أوقف الحرب وأعاد البلاد كدولة ذات سيادة شكلية وموحدة، لكن كان داخلها “مسمار جحا” الذي تطور ليصبح سكيناً، ووصل الآن الى أن يكون بندقية تهدد سيادة الدولة واستقلالها.
لقد قضت اتفاقية دايتون بتوزيع داخلي ظالم للبلاد وقيام إدارة لا مركزية، حيث حصل الصرب البوسنيون والمدعومون من صربيا على كيان أو مقاطعة حكم ذاتي، كان يفترض أن تتحول كمحافظة داخل الإدارة المركزية لكن هذه المقاطعة تنمرت بدعم من صربيا المجاورة ومن روسيا والآن من اليمين العنصري الأوروبي الذي يحكم هنغاريا وبولندا وسلوفينيا والتشيك هذا اليمين المتحالف عنصريا وبقوة مع روسيا بوتين ومع اليمين المتطرف في البلقان وجد له حلفاء من الصرب المتشددين، حلفاء لبث الكراهية العرقية والدينية، ولم تتوقف الاستفزازات طوال الأعوام العشرة السابقة، لكنها خلال الشهور الأخيرة أخذت منحى خطيراً، حيث أعلن زعيم كيان الصرب في البوسنة (كيان يشبه بسلوكه وممارساته بكردستان العراق– صاحب الفيتو في كل شيء يتعلق بالدولة) أعلن الزعيم الصربي المتطرف والمدعوم من اليمين العنصري الأوروبي أنه سيقوم بسلخ المقاطعة ذات الأغلبية الصربية من داخل البوسنة وإعلانها جمهورية مستقلة وبأنه سيجهز جيشا لحماية هذا الاستقلال، وكرر الزعيم الصربي متحديا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أنه سيدعو لبرلمان محلي يعلن الدولة الجديدة على نصف مساحة البوسنة مطالب الأقلية الكرواتية بأن تقوم هي الأخرى باقتطاع ما تشاء من جسم الدولة البوسنية ذات الأغلبية النسبية من المسلمين.
وأمام الصمت المريب للاتحاد الأوروبي تظهر روسيا بوتين لتعلن أن “روسيا تقف مع الصرب مهما كان قرارهم”، وأن على البوسنيين أن يقبلوا تقسيم بلادهم وتجزئتها إذا أرادوا ألا يحصل التقسيم بالقوة!
ولمزيد من التأزيم قامت روسيا بتزويد صربيا بأسلحة جديدة، ووعدت بتأمينها بالغاز والنفط “بكميات غير محدودة”، في حين يحشد الإعلام في صربيا وداخل كيان صرب البوسنة حملات إعلامية تعد وتهدد باستخدام القوة عند اعتراض أي قوة بوسنية لمنع الانفصال.