لكل زمان دولة ورجال وحمقى..!!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تتغير أهداف وطموحات الدول ما بين بناء الذات إلى بناء الحُلم فصناعة المستحيل، وتحتاج كل مرحلة لمفكرين من نوعية مختلفة، ويبقى الطموح مميزاً وايجابياً إذا هدف لبناء يدوم ويعطي ثماره كل حين، فعندها تسير الدول بأمان كون الثروة ستتزايد والنمو السكاني سيرتفع بما يتناسب مع حجم الثروة المتضخمة، وعندها تستمر الدول في المقدمة دون أن تنوء عن حمل ما صنعته يداها، بل قد تزداد تطوراً وبالذات إذا دمجت الصناعة بالزراعة بالعلم والمعرفة، فحينها تكون قد استعدت لقادم الايام بسلاح القدرة المبني على ثلاثية المال والقوى البشرية والرؤية السليمة.

ولكن حين نجوب في عالم العروبة المبني على ثروات الأرض، نجد فيها ما جعلها مطمع لجميع دول العالم الباحثة عن الثروات الطبيعية من جميع الأنواع، لتبدأ هذه الدول بفرض هيمنتها بطرق متعددة من السيطرة على المشاريع العربية، إلى التدخل في النهج التعلمي وبناء المجتمع والإنتهاء بتحديد نوعية المشاريع التي يجب أن يتم إنشائها في شتى الدول، لنجد ان غالبيتها مشاريع خدماتية لا تُنتج ما يعود بالفائدة على الشعوب، لتبقى الدول تستورد طعامها وشرابها وأسلحتها وسياراتها وأجهزتها الطبية من الدول الغربية، مما يعني أنها لا زالت حبيسة البيت الاستعماري وليس شريكاً في التبادل التجاري.

ودعونا نفكر سوياً اين تذهب الأموال العربية؟، وما هي نسبة المستثمر منها في الوطن العربي؟، الجواب سيكون صاعقاً، كون حجم الاستثمارات العربية في بلاد الغرب كبير ومرتفع حتى أنه بلغ قبل ربع قرن حوالي ترليون، واليوم مع ارتفاع اسعار النفط والغاز فإن هذا المبلغ تضاعف بشكل سريع حتى تجاوز العشرة ترليون، فيما قيمة المشاريع العربية في بلاد الغرب تتجاوز هذا المبلغ بكثير، وبالتالي فإنه لو تم استغلال هذه المبالغ في الدول العربية لاصبح الشرق الأوسط مركز للتجارة العالمية وصناعتها وزراعتها، لكن عبودية الفكر جعلتنا نتذيل قائمة العالم بدلاً من اعتلائها.

لذا دعوني اصفق للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي الذي قال: “ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ”، فقد أوصلتنا الجهالة إلى مرحلة من عدم القدرة على التفكير في هموم الأمة واكتفينا بالنظر لسفاسف الأمور على أنها عظيمة، وقتلنا الإبداع وقللنا من قيمة المبدعين ليعلوا على السطح “زبد” الأمة و”غثائها” على أنهم المبدعين أصحاب الرؤى، لتزداد ديون دول وثراء أخرى، فيما العروبة تموت ولم يتبقى منها إلا لغة حفظها القران وفشلوا في تغيرها رغم الإسراع في الحبو صوب الثقافة الغربية لعلهم يُحطمون آخر حصون الأمة العربية، لكن الغرب وأتباعه سيخسرون في النهاية وسيسود الأمة عقلائها ولن تموت الأُسد في الغابات جوعاً ولن تكون مفارش ذو نسب الترابُ، لنجد أن لكل زمان دولة ورجال والكارثة ان من قال هذه الكلمات نسي أن يضيف أهم في كل زمان، وهم الحمقى الذين يتسببون في تغيير معالم الزمان وهدم تلك الدول.

آخر الكلام:

قال الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور: ” آية الحمق الإنساني هي إرادة تحويل هذا المسرح الكبير، الذي هو مزيج من مشاهد البؤس المتلاحقة، إلى مكان للنزهة، والإصرار على ملاحقة المتع والشهوات بدل الحرص على تجنّب المقدار الأكبر من الآلام وصنوف العذاب النفسي والبدني، أمّا الأحمق الغرّ، فلا يني يطارد سراب المتع لينتهي به الأمر، مرة تلو الأخرى، إلى الإحباط والخيبة، أمّا الحكيم فيكرّس كلّ طاقاته لتجنّب الشرور والآلام”.

زر الذهاب إلى الأعلى